وعدم وجود المؤمّن ، فإنّ المفروض أنّه يحتمل مخالفة التكليف أو تفويت الملاك بالوجدان الملازم لاحتمال العقاب وأنّه لا تجري البراءة ، لمكان كون الشبهة قبل الفحص ، والعقل مستقلّ بوجوب دفع العقاب المحتمل.
هذا كلّه ـ إلّا الفرض الأخير ـ فيما إذا قطع المكلّف بتوجّه التكليف إليه في ظرفه ، أو صيرورته ذا ملاك في حقّه. وبعبارة أخرى : إذا علم بأنّه يبتلى بمسألة لا يعلم حكمها.
وممّا ذكرنا في الفرض الأخير ـ وهو ما إذا علم بأنّ ترك التعلّم يخرج المسألة عن كونها مبتلى بها وعن كونها ذات ملاك ملزم ـ ظهر أنّه لا يجب التعلّم فيما يعلم بعدم ابتلائه به أصلا ، ولا يستحقّ العقاب إذا أدّى إلى الابتلاء والمخالفة ، فإنّه بلا مقتض ، وهكذا لا يجب التعلّم فيما يحتمل ابتلاؤه به لكن احتمالا ضعيفا لا يعتني به العقلاء.
وأمّا فيما يحتمل الابتلاء احتمالا عقلائيّا ، كمسائل الشكّ بين الثلاث والأربع والشكّ بين الاثنين والثلاث أو الأربع وأمثال ذلك ، فهل يجب التعلّم أو لا؟ فيه كلام.
والظاهر هو الأوّل ، وذلك لحكم العقل حيث إنّ احتمال مخالفة التكليف أو تفويت الملاك ـ الّذي هو روح التكليف ـ الملازم لاحتمال العقاب موجود بالوجدان ولا مؤمّن ولا دافع عنه ، لعدم جريان البراءة على الفرض من جهة أنّ الشبهة قبل الفحص ، والعقل يستقلّ بوجوب دفعه.
وتوهّم أنّ استصحاب عدم الابتلاء المتيقّن قبل الوقت إلى آخر الوقت أو زمان الإتيان بالواجب الّذي لا تعلم خصوصيّات مسائله مؤمّن ، فاسد ، لا من جهة عدم جريان الاستصحاب في الأمور المستقبلة ، فإنّه سيجيء في محلّه المناسب له أنّه لا إشكال فيه ، بل من جهة أنّ هذا الاستصحاب ليس له أثر