الإلزام عقلا يتوقّف على الترخيص ، كما في الإزالة والصلاة ، فإنّ إطلاق دليل الصلاة عقلا يتوقّف على عدم الإباحة بالإزالة ، ومع وصول دليل الإزالة التي هي أهمّ لا يمكن أن يكون دليل الصلاة باقيا على إطلاقه ، للزوم التكليف بالمحال ، فلا وجه لعدم ترتّب وجوب الصلاة على الترخيص الظاهري ، فإذا رأى المكلّف في المسجد لونا أحمر يحتمل كونه دما فأجرى البراءة عن التكليف بالإزالة ، فأيّ مانع من بقاء إطلاق دليل وجوب الصلاة؟ إذ ليس المانع هو الترخيص الواقعي ، لما ذكرنا في بحث الترتّب من أنّ التزاحم في مقام الامتثال إنّما يكون بين التكليفين الواصلين ، فإنّهما اللذان يكون كلّ منهما معجزا عن الآخر ، وأمّا التكليف الواقعي غير الواصل لا يكون شاغلا للمكلّف ومعجزا عن تكليف آخر حتى يكون مزاحما له.
وإن كان الترتّب شرعيّا ، فإن أخذ الترخيص الواقعي في موضوع الحكم الإلزاميّ ، كما إلا فرضنا ورود دليل دلّ على أنّ من يباح له التصرّف في مائة دينار فليفعل كذا ، فلا محالة لا تثبت إباحة التصرّف ، الظاهريّة المستفادة من دليل البراءة ذلك الحكم.
نعم ، الاستصحاب ـ حيث إنّه مثبت للترخيص الواقعي ـ مفيد لذلك. وقد ادّعى شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ أنّ القدرة الواقعيّة مأخوذة في موضوع وجوب الحج (١). وإثباته مشكل جدّاً.
وإن أخذ الترخيص الظاهري في موضوع الحكم الآخر ، كما في التطوّع في غير وقت الفريضة على القول بالمنع في وقتها ، فإنّ جوازه إنّما هو مترتّب على عدم اشتغال الذمّة ظاهرا ، لا عدم ذلك في الواقع ، فإذا احتمل المكلّف أن
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٤١. وفيه : «كما إذا فرضنا ...».