أنّ باب الخمس والزكاة والحجّ والجهاد والضمانات والجنايات بأجمعها ضرريّة ، وهكذا بعض المحرّمات ، كحرمة شرب المائعات من جهة نجاستها ونجاسة مثل الدهن وغيره بالملاقاة ، فيلزم تخصيص الأكثر المستهجن.
وأجاب عنه الشيخ ـ قدسسره ـ بأنّ ذلك إن كان بإخراج الأفراد عن تحت العامّ ، فهو مستهجن قبيح ، أمّا لو كان بعنوان يستوعب أكثر أفراد العامّ فلا (١).
وأشكل عليه صاحب الكفاية قدسسره ـ ونعم الإشكال ـ بأنّ الأحكام المنفيّة أحكام خارجيّة ثابتة في الدين ، فالقضيّة خارجيّة ، ولا فرق في القضيّة بين إخراج أكثر الأفراد بعنوان مستوعب لأكثر أفراد العامّ وبين إخراجه بالتخصيص الأفرادي في كونه مستهجنا ، فكما يستهجن قولنا : «قتل من في العسكر» وإخراج جميع الأفراد من زيد وعمرو وبكر إلى أن يبقى واحد أو اثنان كذلك يستهجن ذلك إذا أخرج هذا المقدار بعنوان يستوعبه (٢).
والصواب في الجواب أن يقال : أمّا باب الخمس والزكاة : فخروجه من باب التخصّص لا التخصيص ، فإنّ الشارع من الأوّل جعل الفقراء شركاء للزارعين والمالكين الذين تصل أموالهم الزكويّة إلى حدّ النصاب ويربحون في تجاراتهم ، واعتبر تسعة أعشار للمالك وعشرا للفقير مثلا ، وهذا كما اعتبر للذكر مثل حظّ الأنثيين ، ومن المعلوم أنّ إعطاء ذي حقّ حقّه وأداء ما عنده أمانة إلى صاحبه ومالكه لا يكون ضررا على المعطي ، فالخمس أو الزكاة بحسب اعتبار الشارع أمانة لصاحبيه ومستحقّيه عند من تعلّق عليه يجب ردّها إليهم.
وأمّا باب الضمانات بالإتلاف واليد العادية ـ وكذا باب الجنايات ـ فهو أيضا كذلك ، فإنّ القاعدة قاعدة امتنانيّة شرّعت امتنانا على جميع الأمّة ، ومن
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣١٦.
(٢) حاشية فرائد الأصول : ١٦٩.