الواضح أنّ الحكم بعدم ضمان المتلف لا يكون امتنانا على جميع الأمّة ، فإنّه وإن كان امتنانا على المتلف إلّا أنّه خلاف الامتنان بالنسبة إلى المتلف منه بل موجب لتضرّره. وهكذا الكلام في الجنايات ، فهي مع الضمانات بأجمعها خارجة عن القاعدة موضوعا لا من باب التخصيص.
وأمّا باب الحجّ والجهاد : فحيث إنّ كلّا منهما كان مجعولا معروفا عند كلّ مسلم في زمان صدور الرواية ، فإنّها صدرت في المدينة ، وكان ضرريّا بالطبع يمكن دعوى انصراف الرواية عنهما ، ولذا لم يكن لسمرة حقّ الاعتراض بأنّ الحجّ ضرري والجهاد كذلك فكيف تقول : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»؟
بل بمقتضى كون القضيّة خارجيّة ناظرة إلى الأحكام المجعولة في الشريعة حاكمة عليها لا بدّ من الالتزام بأنّ الضرر المنفي هو الضرر الطارئ بعد جعل الحكم لا الطبعي المقوّم للحكم ، فمفادها ـ سيّما بقرينة موردها ـ أنّ الأحكام الخارجيّة المجعولة التي لم تكن في طبعها ضرريّة إذا استتبعت للضرر وطرأ عليها ذلك ، فهي منفيّة غير مجعولة ، فكلّ حكم كان ضرريّا من أوّل جعله بمعنى أنّه كان حكما من الشارع بالضرر ـ لا أنّه لم يكن كذلك بل طرأه ذلك مثل الوضوء الضرري ـ كالحجّ والجهاد والخمس والزكاة لم يكن مشمولا للقاعدة.
والحاصل : أنّ الرواية لا تدلّ على نفي الأحكام الثابتة للموضوعات التي مقوّمها ومحقّقها الضرر ، فهذا الوجه سار في الجميع.
هذا ، مضافا إلى أنّ نفس تلك الأحكام أيضا إذا طرأ عليها الضرر واستتبعت الضرر أزيد ممّا أخذ في متعلّقاتها وأكثر ممّا هو مقوّم لموضوعاتها ، تكون مرتفعة ب «لا ضرر» كما إذا كان الخمس أو الزكاة أو الحجّ مثلا موجبا لضرر آخر عليه كالضرب في طريق الحجّ وغيره.
وأمّا باب المحرّمات والنجاسات : فإن قلنا : إنّ الضرر عبارة عن النقص