وبالجملة ، إذا تمّ ما ادّعيناه من الصلح القهري أو قاعدة العدل والإنصاف ، فهو ، وإلّا لا نلتزم إلّا بما في الرواية من جواز التصرّف في الدرهم لكلّ من المالكين.
ومنها : ما أفتى به الفقهاء من أنّه لو اختلف البائع والمشتري في الثمن مع اتّفاقهما في المبيع وأنّه جارية مثلا ، فقال أحدهما : إنّه عشرة دراهم ، وقال الآخر : بل عشرة دنانير ، ولم تكن بيّنة لأحدهما وحلف كلاهما أو نكلا كذلك ، تردّ الجارية إلى مالكها الأوّل ، ولا يعطي المشتري شيئا لا دراهم ولا دنانير ، مع أنّ البائع يعلم تفصيلا بعدم جواز وطء الجارية والنّظر إليها لكونها ملكا للمشتري على كلّ حال.
وجوابه أوّلا : بأنّ التحالف يوجب انفساخ المعاملة فينقل كلّ من العوضين إلى مالكه الأصلي بذلك واقعا ، فأين هناك مخالفة للعلم التفصيليّ؟
وثانيا : لو سلّمنا أنّ الانفساخ حكم ظاهري لا يوجب انتقال الجارية إلى ملك البائع واقعا وإنّما يجوز له التصرّف في الجارية تقاصّا كما يجوز للمشتري التصرّف في الثمن تقاصّا أيضا ولو لم نلتزم بشيء منهما ، فنمنع المخالفة للعلم التفصيليّ ولم يرد في المقام نصّ خاصّ ، وإنّما الحكم على طبق القاعدة.
وبهذا ظهر الجواب عن عكس الفرض بأنّ اتّفقا في الثمن واختلفا في المبيع ، فقال أحدهما : إنّه عبد ، وقال الآخر : لا ، بل جارية.
ومنها : فتوى بعض الفقهاء بصحّة ائتمام من وجد المنيّ في ثوبه المشترك بين من ائتمّ به وبينه ، أو صحّة الائتمام بأحد واجدي المنيّ في صلاة الظهر وبالآخر في صلاة العصر مثله ، فإنّه في الصورة الأولى يعلم المأموم تفصيلا ببطلان صلاته إمّا لكونه صلّى جنبا أو لأنّ إمامه صلّى جنبا ، وفي الصورة الثانية يعلم تفصيلا ببطلان صلاة عصره إمّا لكونها مؤتمّة بالمحدث أو