ففي المقام حيث إنّ واحدا من الدرهمين الباقيين يكون لصاحب الاثنين قطعا وأمر الدرهم الآخر مردّد بين كونه له بتمامه أو لصاحب الواحد بتمامه ، فإن نصّفناه بينهما وحكمنا لكلّ واحد من المالكين نصفا منه ، فقد أنصفنا ، إذ نقطع بوصول نصف المال إلى مالكه الواقعي قطعا ، بخلاف ما إذا أعطيناه بتمامه واحدا منهما فإنّه وإن كان من المحتمل وصول تمام الحقّ إلى مالكه الأصلي إلّا أنّه من المحتمل أيضا حرمان المالك الواقعي بالكلّيّة ، ووصول المال إلى غير من ينبغي الوصول إليه ، فالحكم المذكور المستفاد من الرواية ينطبق على هذه القاعدة العقلائيّة التي أمضاها الشارع ، ومقتضاها جواز تصرّف كلّ من المالكين في مال الآخر في المقام.
فإذا نقل الدرهم إلى ثالث ، فإن قلنا بأنّ نقل مال ممّن يجوز له التصرّف فيه ظاهرا إلى غيره يوجب الملكيّة الواقعيّة ، فواضح أنّ الدرهم الّذي نقل إلى مشتري الجارية وجعله ثمنا لها يصير ملكا له واقعا ، فيملك الجارية ، ويحلّ له النّظر والوطء وغير ذلك من التصرّفات الموقوفة على الملك ، فأين هناك علم تفصيلي على خلاف الحكم المقطوع به؟
وإن قلنا بأنّه يوجب الملكيّة الظاهريّة ، فنلتزم بأنّه لا يجوز التصرّف للثالث في هذا الدرهم المنقول إليه على تقدير علمه بأنّ بعضه ملك للغير ، ولا يجوز له اشتراء الجارية به ولا وطء الجارية المشتراة به وغير ذلك من التوالي الفاسدة المترتّبة عليه ، ولا محذور في هذا الالتزام ، إذ ليس في الرواية ما يدلّ على جواز أخذ غير العالم بالحال الدرهم منهما واشترائه الجارية به ووطئها والنّظر إليها ، بل ليس في الرواية إلّا الحكم بجواز التصرّف لصاحب الاثنين فيما يأخذه من درهم ونصف ، ولصاحب الواحد كذلك ، أي فيما يأخذه من نصف الدرهم.