______________________________________________________
بغسل العضو بتلك الغرفة ، فلو غسله بها كان باطلا.
فان قلت : يكفي وجود الملاك في قصد التقرب. قلت : نعم ، لكن لا دليل على وجود الملاك هنا ، بل مقتضى الجمع بين قوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... ) (١) وقوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ... ) (٢) تقييد الأولى بالثانية ، فيكون وجوب الوضوء مشروطاً بالوجدان ، فيكون ملاكه مشروطاً به أيضاً ، وحيث أن الوجدان أعم من العقلي والشرعي ، يكون تحريم الاغتراف شرعاً موجباً لصدق عدم وجدان الماء ، وينتفي معه ملاك الوضوء. مع أن الالتزام بوجود الملاك في ظرف ملازمة فعل الوضوء لارتكاب محرّم يقتضي اختصاص سقوطه ومشروعية التيمم بصورة كون ملاك التحريم أقوى ، إذ لو كان ملاكه أضعف من ملاك الوضوء أو مساوياً سقط التحريم ، وشرع الوضوء ، مع أن بناء الأصحاب على ثبوت التحريم ، وسقوط الوضوء ، ومشروعية التيمم ، في جميع موارد لزوم فعل الوضوء لارتكاب محرَّم ( ودعوى ) : أن تحريم ذلك المحرم مطلقاً مانع من صدق الوجدان وموجب لمشروعية التيمم ( مندفعة ) بأن التحريم إنما يمنع من صدق الوجدان لو لم يسقط بمزاحمة وجوب الوضوء الذي هو أهم وإلا فلا يمنع قطعاً. وبالجملة : بناء الأصحاب على مشروعية التيمم إذا توقفت الطهارة المائية على ارتكاب أي محرم كان ، وعدم أعمالهم قواعد التزاحم ، يكشف عن بنائهم على إناطة ملاك الطهارة المائية بالوجدان وعدم التحريم.
هذا ولكن يمكن أن يقال : إطلاق آية الوضوء يقتضي كون وجوبه
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المائدة : ٦ ، والنساء : ٤.