______________________________________________________
من اجتماع الوجوب والندب في موضوع واحد من جهتين ، فان الوضوء بعنوان كونه مقدمة للصلاة الواجبة واجب ، وبعنوان كونه مقدمة للصلاة النافلة مستحب. وقد وافق في هذا ظاهر السلطان (ره) في حاشية له على الروضة في هذا المقام ، حيث قال : « لا نسلم أنه لا يكون في وقت العبادة الواجبة إلا الوضوء الواجب ، لأن الوضوء في كل وقت مستحب » ( وأخرى ) : بأنه لو سلم عدم اتصافه بالوجوب والاستحباب في زمان واحد ، فإنما يمنع ذلك من إمكان نية الندب وصفاً ، ولا يمنع من إمكان نيته غاية. والظاهر أن مراده إمكان التقرب بالأمر الندبي المتعلق بالغاية ، لا الأمر الغيري المتعلق به ، فان مبنى كلامه هذا انتفاء الأمر الغيري الندبي فيمتنع لحاظه غاية كما يمتنع لحاظه وصفاً. ولعل ما ذكره هو مراد جمال الدين (ره) في حاشيته حيث قال : « وحينئذ فقصد الندب فيه ليس بمعنى كونه مندوباً في نفسه مطلقاً ، حتى يكون فاسداً باعتبار كونه واجباً ، بل بمعنى كونه مندوباً لتلك الغاية .. ».
أقول : إذا فرض أن للوضوء غايتين واجبة ومندوبة ، فكما أن مقدميته للغاية الواجبة توجب كونه واجباً كذلك مقدميته للغاية المندوبة توجب كونه مندوباً ، وليس اقتضاء إحداهما أقوى من اقتضاء الأخرى ، ولازم التضاد بين الوجوب والاستحباب تزاحم مقتضاهما ، فاذا سلم تساويهما في في الاقتضاء سقطا معاً عن التأثير ، فلا يكون الوضوء واجباً غيرياً ، ولا مندوباً كذلك ، لأن ثبوت الوجوب دون الندب ترجيح بلا مرجح ، فالالتزام بالوجوب دون الندب ـ كما يجري على ألسنتهم ـ غير ظاهر الوجه.
والتحقيق أنه ( تارة ) نقول : إن الفارق بين الندب والوجوب هو اختلاف الطلب فيهما بالشدة والضعف ، فيكون الندب منتزعاً من مرتبة