وأما إذا صلى بعد كل من الوضوءين ثمَّ تيقن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية صحيحة [١] ، وأما الأولى فالأحوط إعادتها ، وإن كان لا يبعد جريان قاعدة الفراغ فيها [٢].
______________________________________________________
أما صحة الأول فلقاعدة الفراغ ـ كما عن ابن طاوس (ره) ـ ولا تُعارض بمثلها في الوضوء الثاني ، لعدم الأثر العملي لصحة التجديدي ، وإذا صح الوضوء صحت الصلاة ، لأن صحتها من آثار صحته. قال في محكي الذكرى : « وهو متجه. إلا أن يقال : اليقين حاصل بالترك وإن كان شاكاً في موضوعه ، بخلاف الشك بعد الفراغ ، فإنه لا يقين فيه بوجه ». وفيه : أن المانع من قاعدة الفراغ اليقين بالنقصان ، لا مجرد اليقين ، وقد تحقق في مبحث الشبهة المحصورة أن أدلة الأصول لا تقصر في نفسها عن شمول أطراف العلم ، وإنما المانع عنها نفس العلم الموجب لتنجز الأثر العملي ، فإذا فرض في المقام عدم تنجز أثر عملي بالعلم الإجمالي كان تحكيم أدلة قاعدة الفراغ في الوضوء الأول في محله. مع أنه لو فرض تعارض القاعدة في الوضوءين فلا مانع عن العمل بها في نفس الصلاة ، نظير الرجوع إلى استصحاب الطهارة ، أو قاعدتها في ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة بعد تعارضهما في نفس الأطراف. وهذا كله جار فيما لو قصد الأمر التجديدي في الوضوء الثاني على نحو التقييد. فلاحظ.
[١] يعني : بناء على أن الوضوء التجديدي رافع للحدث لو صادفه ولم يكن قصد التجديدي على نحو التقييد. والوجه في صحة الصلاة الثانية هو الوجه في صحتها في الفرض الأول بعينه.
[٢] كما عرفت تقريبه في الوضوء والصلاة ، وكان اللازم إجراءها في الوضوء لأنها أصل سببي.