عليه ، أو بسفاهة وعدم رعاية حكم العقل ﴿فَتُصْبِحُوا﴾ وتصيروا بعد ظهور خطأكم ﴿عَلى ما فَعَلْتُمْ﴾ من الإضرار على القوم ﴿نادِمِينَ﴾ مغتمّين متمنّين عدم صدور ذلك الفعل منكم.
في بعض مطاعن عثمان
روي أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخا عثمان بن عفان لامّه ، بعثه النبي صلىاللهعليهوآله إلى بني المصطلق ليأخذ صدقاتهم ويجبي زكاتهم ، وكان بينه وبينهم إحنة (١) وحقد كامن في الجاهلية بسبب دم ، فلمّا سمعوا بقدومه استقبلوه ركبانا ، فحسب أنّهم مقاتلوه ، فرجع هاربا منهم ، وقال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّهم قد ارتدّوا ، ومنعوا الزكاة ، وهمّوا بقتلي ، فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في الظاهر بقتالهم ، فنزلت الآية (٢) .
وقيل : إنّه صلىاللهعليهوآله بعث إليهم خالد بن الوليد بعد رجوع الوليد بن عقبة عنهم في عسكر ، وقال له: اخف عنهم قدومك بالعسكر ، وادخل عليهم ليلا متجسّسا ، هل ترى فيهم شعائر الاسلام وآدابه ، فان رأيت منهم ذلك فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك فافعل بهم ما يفعل بالكفّار ، فجاءهم خالد وقت المغرب فسمع منهم أذان المغرب والعشاء ، ووجدهم مجتهدين باذلين وسعهم ومجهودهم في امتثال أمر الله ، فأخذ منهم صدقاتهم ، وانصرف إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله [ وأخبره الخبر فنزلت : ﴿أَنْ تُصِيبُوا ...﴾](٣) .
أقول : من مطاعن عثمان أنّه ولّى هذا الوليد الفاسق الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص ، فصلّى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ، ثمّ قال : هل أزيدكم ؟ ومن الواضح أنّه لم يكن حاله خفيا على عثمان مع كونه أخاه.
ويدلّ على كون المراد من الفاسق هو الوليد بن عقبة ما روى في ( الاحتجاج ) عن الحسن المجتبى عليهالسلام - في حديث - أنه قال : « وأما أنت يا وليد بن عقبة ، فو الله ما ألومك على ألومك على أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة ، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر ، أم كيف لا تسبّه وقد سمّاه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن ، وسمّاك فاسقا وهو قوله : ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾... الآيه » (٤) .
وعن القمي رحمهالله : نزلت في عائشة حين رمت مارية القبطية ، واتّهمها بجريح القبطي ، فأمر رسول الله بقتل جريح ليظهر كذبها ، وترجع عن ذنبها (٥) .
أقول : لعلّ المراد من النزول جريانها في حقّها.
في الاستدلا على حجية خبر الواحد
ثمّ اعلم أن العامة وكثيرا من الخاصة استدلّوا بالآية المباركة على حجية خبر العدل
__________________
(١) الإحنة : الحقد والضّغن.
(٢و٣) تفسير روح البيان ٩ : ٧٠.
(٤) الاحتجاج : ٢٧٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٤٩. (٥) تفسير القمي ٢ : ٣١٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٤٩.