الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا
النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ
وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٩) و (١٠)﴾
ثمّ أمر سبحانه المؤمنين المخلصين بالعمل بخلاف ما يعمله اليهود والمنافقون بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بألسنتكم وقلوبكم ﴿إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ﴾ والقبيح الذي يخصّكم ﴿وَالْعُدْوانِ﴾ والعمل الذي يؤدّي إلى الظّلم بالغير ﴿وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ﴾ ومخالفته ، ولا تسلكوا في نجواكم مسلك المنافقين ﴿وَ﴾ لكن ﴿تَناجَوْا بِالْبِرِّ﴾ والاحسان إلى أنفسكم وإلى إخوانكم المؤمنين ﴿وَالتَّقْوى﴾ وترك المعاصي والقيام بالطاعة ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ﴾ بعد خروجكم من القبور ﴿تُحْشَرُونَ﴾ وإلى مقام عدله تساقون ، فيجازيكم حسب أعمالكم.
ثمّ أكّد سبحانه النهي عن النجوى بما ذكر من الامور القبيحة بقوله : ﴿إِنَّمَا النَّجْوى﴾ بتلك الأمور تصدر ﴿مِنَ﴾ تسويلات ﴿الشَّيْطانِ﴾ وتزيينه في أنظاركم ﴿لِيَحْزُنَ﴾ قلوب ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ حيث توهمهم النجوى أنّ المتناجين بلغهم قتل أقربائهم وإخوانهم المؤمنين الذين خرجوا إلى الجهاد ، أو هزمهم (١) العدوّ أو أصابتهم نكبة ﴿وَلَيْسَ﴾ الشيطان ، أو التناجي ﴿بِضارِّهِمْ شَيْئاً﴾ قليلا وقدرا يسيرا ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ وإرادته ومشيئته. قيل : بأن يبيّن لهم كيفية مناجاة الكفّار حتّى يزول غمّهم (٢)﴿وَعَلَى اللهِ﴾ وحده لا على غيره ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وإليه فليفوّضوا امورهم ، ولا يبالوا بنجوى المنافقين.
عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فانّ ذلك يحزنه » (٣) .
وقيل : إنّ المراد بالنجوى في الآية الأخيرة الأحلام التي يراها الانسان في نومه فتحزنه (٤) .
في ذكر رؤيا فاطمة عليهاالسلاموما يدفع به ضرر رؤيا السوء
روى بعض العامة أنّ فاطمة عليهاالسلام رأت كأنّ الحسن والحسين أكلا من أطيب جزور بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله إليهما فماتا ، فلمّا غدت سألت النبي صلىاللهعليهوآله ، وسأل هو جبرئيل ، وسأل جبرئيل ملك الرّؤيا فقال : لا علم لي به ، فعلم أنّه من الشيطان (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : سبب نزول الآية أنّ فاطمة عليهاالسلام رأت في منامها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله همّ أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهمالسلام من المدينة ، فخرجوا حتى جازوا حيطان المدينة ، فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين حتى انتهى إلى موضع فيه
__________________
(١) في النسخة : انهزمهم.
(٢) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٦٨.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٣٧٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٦ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٢.
(٤) مجمع البيان ٩ : ٣٧٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٦.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٢.