وعن الباقر عليهالسلام : « إنّما الطلاق أن يقول لها في قبل العدّة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق ... » الخبر (١) .
وقيل : إن لام ﴿لِعِدَّتِهِنَ﴾ بمعنى في ، والمعنى فطلّقوهن في عدّتهنّ (٢) ، لأنّ الطّهر الذي يقع فيه الطلاق معدود من إظهار العدّة ، وهي ثلاثة. وعن الباقر عليهالسلام : « العدّة : الطّهر من الحيض » (٣).
﴿وَأَحْصُوا﴾ أيّها الأزواج واضبطوا ﴿الْعِدَّةَ﴾ بحفظ الوقت الذي يقع فيه الطلاق ، وأكملوها ثلاث أطهار ، أو ثلاث أشهر ، إذا كنّ في سنّ من تحيض ، فانّ النساء عاجزات عن إحصائها لغلبة الغفلة عليهنّ.
ثمّ لمّا كان الغائب وقوع الطلاق لكراهة الزوج معاشرة الزوجه ، ولازم ذلك سرعة الزوج في إخراجهنّ من منزلهم ، نهى سبحانه عن إخراجهن مع التهديد على ذلك بقوله : ﴿وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ﴾ أيّها الأزواج وخافوا عذابه على إخراجهن ، ولذا ﴿لا تُخْرِجُوهُنَ﴾ إذا كنّ رجعيات ﴿مِنْ بُيُوتِهِنَ﴾ ومساكنهنّ اللاتي أسكنتموهنّ فيها حال الطلاق ﴿وَ﴾ هن أيضا ﴿لا يَخْرُجْنَ﴾ منها ما دمن في العدّة.
وقيل : إنّ المراد اتّقوا الله ربّكم في تطويل عدّتهنّ والاضرار بهنّ بايقاع طلاق ثان بعد الرجعة (٤) .
ثمّ حرّم إخراجهنّ وخروجهنّ ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ ويعملن عملا ظاهر القباحة كالزنا ، فيخرجن لإقامة الحدّ عليهنّ.
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عنه ، فقال : « إلا أن تزني ، فتخرج ويقام عليها الحدّ » (٥) .
وعن ابن عباس : وهو كلّ معصية (٦) .
وعن الرضا عليهالسلام قال : « أذاها لأهل الرجل وسوء خلقها » (٧) .
وعنه عليهالسلام : « يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها ، فاذا فعلت فان شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدّتها فعل » (٨) .
وقيل : إنّها خروجهنّ من البيوت ، والمعنى لا يخرجن إلّا إذا ارتكبن الفاحشة بالخروج (٩) .
ثمّ عظّم سبحانه أمر هذه الأحكام بقوله : ﴿وَتِلْكَ﴾ الأحكام ﴿حُدُودُ اللهِ﴾ وقوانينه الموضوعة لصلاح الناس ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ﴾ ويتجاوز ﴿حُدُودُ اللهِ﴾ ويخالفها ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ وأضرّها بإيقاعها
__________________
(١) الكافي ٦ : ٦٩ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٦.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٣٠.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٧٣ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٦.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٢٨.
(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٢٢ / ١٥٦٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٦) تفسير روح البيان ١٠ : ٢٨ و٢٩.
(٧) الكافي ٦ : ٩٧ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٨) الكافي ٦ : ٩٧ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٩) تفسير روح البيان ١٠ : ٢٩.