أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ
سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥)﴾
ثمّ وجه سبحانه الخطاب إلى المرأتين العاصيتين تشديدا للعتاب لهما بقوله : ﴿إِنْ تَتُوبا﴾ يا عائشة ويا حفصة من خيانتكما وعصيانكما ﴿إِلَى اللهِ﴾ وتستغفرانه فهو خير لكما ﴿فَقَدْ صَغَتْ﴾ وأعرضت ﴿قُلُوبُكُما﴾ عن الله وطاعته برغبتكما إلى إيذاء نبيّه صلىاللهعليهوآله ﴿وَإِنْ﴾ لم تتوبا و﴿تَظاهَرا﴾ وتعاونا ﴿عَلَيْهِ﴾ وتواطئا على إيذائه ، فإنّه لا يبالي بكما ، لأنّ له مظاهرا ومعاونا أقوى من جميع أهل العالم ﴿فَإِنَّ اللهَ﴾ الغالب القاهر ﴿هُوَ﴾ بالخصوص ﴿مَوْلاهُ﴾ وناصره قبل كلّ شيء ، لأنّه حبيبه وصفيّه ﴿وَ﴾ بعده ﴿جِبْرِيلُ﴾ رئيس الكروبيين ، وأقوى الملائكة ناصره ﴿وَ﴾ بعدهما ﴿صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وسيدهم علي بن أبي طالب صلىاللهعليهوآله ناصره بنفسه وماله ، كما عن مجاهد (١) والباقر عليهالسلام (٢) ، ويؤيّده حديث المنزلة (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام « لقد عرّف رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام أصحابه مرّتين ؛ أمّا مرّة فحيث قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، وأمّا الثانية فحيث ما نزلت هذه الآية : ﴿فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيد علي عليهالسلام وقال : أيّها الناس ، هذا صالح المؤمنين » .
وقالت أسماء بنت عميس : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول : « ﴿ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ علي بن أبي طالب » (٤) فما نسبه العامّة إلى ابن عباس من أنّ المراد أبو بكر وعمر (٥) فرية لا اعتداد بها ، مع أنّ مولاه لا بدّ أن يكون أقوى الناس لا أضعفهم.
وقيل : إنّ المراد خيار المؤمنين. وقيل : من برئ منهم من النفاق. وقيل : عموم اصحابه. وقيل : جميع الأنبياء (٦) .
﴿وَالْمَلائِكَةُ﴾ كلّهم ﴿بَعْدَ ذلِكَ﴾ المذكورين ﴿ظَهِيرٌ﴾ ومعاونا له على أعدائه ، فلا يبالي بكيد امرأتين ضعيفتين من له اولئك الظّهراء. ثمّ خوّفهنّ سبحانه بقوله : ﴿عَسى رَبُّهُ﴾ ويرجي منه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ﴿إِنْ طَلَّقَكُنَ﴾ وأخرجكنّ من حبالة نكاحه ﴿أَنْ يُبْدِلَهُ﴾ الله ويعوّضه منكنّ ﴿أَزْواجاً﴾ اخر ﴿خَيْراً﴾ له وأفضل ﴿مِنْكُنَ﴾ من جهة كونهنّ ﴿مُسْلِماتٍ﴾ بألسنتهنّ ، أو منقادات بجوارحهنّ ﴿مُؤْمِناتٍ﴾ ومخلصات أو مصدّقات بقلوبهنّ ﴿قانِتاتٍ﴾ ومطيعات أو خاضعات لله ولرسوله
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٧٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٥.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٤٧٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٥.
(٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٤٤.
(٦) تفسير الرازي ٣٠ : ٤٤.