ورفع عنها ألم العذاب فضحكت ، فقال الكفّار : هي مجنونة لأنّها تضحك وهي في العذاب (١) ، ثمّ طارت روحها إلى جوار رحمة الله.
وعن الضحّاك : أمر فرعون أن يلقى عليها حجر رحى ، وهي في الأوتاد ، فقالت رب ابن لي ... إلى آخره فلم يصل الحجر حتّى رفع روحها إلى الجنّة ، فألقي الحجر عليها بعد خروج روحها ، فلم تجد ألما (٢) .
ثمّ بيّن سبحانه حسن حال المؤمنات اللاتي لا زوج لهنّ بتمثيلهنّ بمريم بنت عمران بقوله : ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ﴾ أمّ عيسى ﴿الَّتِي أَحْصَنَتْ﴾ وحفظت ﴿فَرْجَها﴾ من مساس الرجال حراما وحلالا على آكد حفظ ، وقيل : يعني طهّرت ذيلها من ريبة الفجور ﴿فَنَفَخْنا﴾ في جيبها بتوسّط جبرئيل ، وأدخلنا ﴿فِيهِ﴾ كالريح من الروح العظيم الشأن الذي يصحّ أن تقول تشريفا : إنّه ﴿مِنْ رُوحِنا﴾ وقيل : إنّ المراد بالروح جبرئيل (٣) ، والمعنى فنفخنا في جيبها من جبرئيل ﴿وَصَدَّقَتْ﴾ عن صميم القلب ﴿بِكَلِماتِ رَبِّها﴾ المنزلة على الأنبياء ، أو المراد بالبشارات التي بشّر بها جبرئيل ﴿وَكُتُبِهِ﴾ المنزلة من السماء كصحف شيث وإبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وغيرها ﴿وَكانَتْ﴾ واحدة ﴿مِنَ الْقانِتِينَ﴾ والخاشعين لله ، أو من المطيعين والمعتكفين في المسجد الأقصى ، وعدّها من الرجال القانتين للإشعار بعدم قصور عبادتها عن عبادة الأنبياء.
روت العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلّا أربع : آسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلىاللهعليهوآله » (٤) .
قيل : جمعه الله في التمثيل بين التي لها زوج والتي لازوج لها تسلية للأرامل وتطييبا لأنفسهن (٥) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٦٩.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٦٩.
(٣و٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٧١.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٧٠.