قيل : لم يعلم أنّ الله وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه مثل ما ذكر للوليد بن المغيرة من العيوب ، وكان الوليد دعيّا في قريش وليس من نسبهم (١) . قيل : ادّعاه أبوه المغيرة بعد ثماني عشرة سنة من مولده(٢) .
قيل : نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة ، فلمّا تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله الآيات في مجمع قريش وفيهم الوليد ، وجد الوليد جميع العيوب في نفسه إلّا الولادة من زنا ، وقال في نفسه : أنا سيد قريش ، وأبي كان معروفا ، وأعلم أن محمدا لا يكذب فأخذ بسيفه وجاء إلى امّه ، وقال لها : ما قصّة ولادتي ؟ فلمّا أبلغ في تهديدها قالت : كان أبوك غير راغب في النساء ، وكان له بنو أخيه ينتظرون موته ، ويطمعون في ميراثه ، فثقل عليّ ذلك ، فاستأجرت عبدا فراودته عن نفسي ، فاحتبلت منه فولدتك (٣) .
وعن علي عليهالسلام : « الزنيم : هو الذي لا أصل له » (٤) . وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن قوله تعالى : ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ﴾ فقال : « العتلّ عظيم الكفر ، والزنيم : المستهتر بكفره » (٥) .
وعن ( المجمع ) أنّ النبي صلىاللهعليهوآله سئل عن العتلّ الزّنيم فقال : « هو الشديد الخلق ، الشحيح (٦) ، الأكول الشروب ، الواجد للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، الرّحب الحلقوم » (٧) .
وعنه عليهالسلام قال : « لا يدخل الجنّة جوّاظ ولا جعظري ولا عتلّ زنيم » قيل : فما الجوّاظ ؟ قال : « كلّ جمّاع منّاع » قيل : فما الجعظري ؟ قال : « الفظّ الغليظ » قيل : فما العتلّ الزّنيم ؟ قال : « رحب الجوف ، سيء الخلق ، أكول شروب ، غشوم ظلوم » (٨) .
وعن القمي ، قال : الحلّاف : الثاني ، حلف لرسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا ينكث عهده ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ قال : كان ينمّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله ويهمز بين أصحابه ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾ قال : الخير أمير المؤمنين عليهالسلام ﴿مُعْتَدٍ﴾ قال : اعتدى عليه ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ﴾ قال : العتلّ : العظيم الكفر ، والزنيم : الدّعيّ (٩) .
قيل : كان للوليد عشرة بنين وأموال كثيرة ، كان له بستان بالطائف ، وتسعة آلاف مثقال من فضّة (١٠) ، فلامه سبحانه بقوله تبارك وتعالى : ﴿أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ﴾ قيل : إنّ التقدير كفر بالله لأجل أن كان ذا مال وبنين (١١) ، مع أنّ حقّه الشّكر وليس الكفر والعصيان جزاء نعمه وقيل : إنّ المعنى لا تطع من كان له هذه المطاعن والمثالب ، لأجل أن كان ذامال وبنين (١٢) ، ومن كفره أنه ﴿إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا﴾ القرآنية
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٨٥ ، تفسير روح البيان ١٠ : ١١٢.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ١١٢.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢١٠.
(٥) معاني الأخبار : ١٤٩ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٩.
(٦) في النسخة : المفتحج ، وفي تفسير الصافي : المصحاح.
(٧) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٩ ، وفي المصدر : الرحيب الجوف ، وفي الصافي : الجوف.
(٨) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢١٠.
(٩) تفسير القمي ٢ : ٣٨٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٢١٠.
(١٠) تفسير روح البيان ١٠ : ١١١.
(١١و١٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٨٥.