وقيل : يعني يكشف عن ساق العرش ، أو عن ساق جهنّم ، أو عن ساق ملك عظيم مهيب (١) .
وعلى أيّ تقدير ذلك اليوم يوم القيامة ، فانّهم في ذلك اليوم يؤمرون ﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ﴾ لله تعنيفا على تركهم إياه في الدنيا تكبّرا وتعظّما وتحسّرا على تفريطهم فيه ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ السجود لسلب القدرة عنهم.
عن ابن مسعود : تعقم أصلابهم ، أي تصير عظاما لا فواصل لها ، فلا تثنى للرفع والخفض ، فيبقون قياما على حالهم حتّى تزداد حسرتهم على التفريط فيه (٢) .
وفي الحديث : « وتبقى أصلابهم طبقا واحدا (٣) - أي فقارة واحدة - كأنّ سفافيد الحديد في ظهورهم » (٤) .
عن الرضا عليهالسلام قال : حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجّدا ، وتدمج (٥) أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود (٦) حال كونهم ﴿خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ﴾ متواضعة جوارحهم ﴿تَرْهَقُهُمْ﴾ وتغشاهم ﴿ذِلَّةٌ﴾ شديدة وخزي فاحش جزاء لاستكبارهم في الدنيا عن السجود لله ﴿وَ﴾ الحال أنّهم ﴿قَدْ كانُوا﴾ في الدنيا ﴿يُدْعَوْنَ﴾ من قبل الله بلسان الرسل ﴿إِلَى السُّجُودِ﴾ لله ويؤمرون به ﴿وَهُمْ سالِمُونَ﴾ أصحّاء مستطيعون له بأتمّ الاستطاعة ، فاذا كان حالهم في الآخرة كذلك ﴿فَذَرْنِي﴾ يا نبيّ الرحمة ودعني ﴿وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا﴾ القرآن الذي هو أحسن ﴿الْحَدِيثِ﴾ وأعظم المعاجز الذي يصدّقه كلّ عاقل منصف ويستدلّ به على صدق دعواك الرسالة ، فانّي أكفيكهم ، واعلم أنّا ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾ وننزلهم في العذاب شيئا فشيئا ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ ومن الجهة التي لا يشعرون أنّه بلاء وعذاب.
قيل : إنّ المراد بالاستدراج توفير النّعم. حتّى ينسوا الاستغفار ، والمعنى كما قيل : كلّما جدّدوا ذنبا جددنا لهم نعمة (٧) ، وأغفلناهم عن التوجه إلينا ، ثمّ نأخذهم بغتة.
وفي الحديث : « إذا رأيت الله ينعم على عبد وهو مقيم على المعصية ، فاعلم أنه مستدرج ، وتلا هذه الآية » (٨) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « من وسع عليه دنياه ، وهو لا يعلم أنّه قد مكر به ، فانّه مخدوع عن
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٩٥.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ١٢١.
(٣) في تفسير روح البيان : طبعا واحدا.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ١٢١.
(٥) في النسخة : وتديح ، وفي تفسير الصافي : ويدبّخ.
(٦) التوحيد : ١٥٤ / ١ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢١ / ١٤.
(٧) تفسير الرازي ٣٠ : ٩٦.
(٨) تفسير روح البيان ١٠ : ١٢٤.