مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ راعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلى
صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (١٩) و (٣٤)﴾
ثمّ ذمّ سبحانه الانسان بقوله : ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ﴾ بالطبع ﴿خُلِقَ هَلُوعاً﴾ ثمّ فسر سبحانه الهلوع بقوله : ﴿إِذا مَسَّهُ﴾ وأصابه ﴿الشَّرُّ﴾ كالمرض والفقر والخوف وغيرها من البلايا كان ﴿جَزُوعاً﴾ وكثير القلق والشكوى لضعفه ﴿وَإِذا مَسَّهُ﴾ ووصل إليه ﴿الْخَيْرُ﴾ من الصحة والغنى كان ﴿مَنُوعاً﴾ وشديد البخل ومبالغا في الامساك لطول أمله وجهله بالقسمة ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ ولكن لا مطلقا بل ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ﴾ وعلى أدائها مواظبون لا يشغلهم عنها شاغل ، لاهتمامهم على تقديم رضى الله على رضى أنفسهم.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار ، وما فاتهم من النهار بالليل»(١) .
﴿وَ﴾ إلّا ﴿الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ ونصيب معين أو جبوه على أنفسهم تقربا إلى الله ﴿لِلسَّائِلِ﴾ بالكفّ من الناس ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ ومن لا يسأل حياء وتوكّلا على الله.
عن السجاد عليهالسلام : « الحقّ المعلوم شيء يخرجه من ماله ، ليس من الزكاة ، ولا من الصدقة المفروضتين ، هو الشيء يخرجه من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقلّ على قدر ما يملك ، يصل به رحما ، ويقوّي به ضعيفا ، ويحمل به كلّا ، ويصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « المحروم المحارف (٣) الذي قد حرم كدّ يده في الشراء والبيع » (٤) .
وفي رواية : « المحروم الذي ليس بعقله بأس ، ولم يبسط له الرزق ، وهو محارف » (٥) . يعني أنّهم أهل الكسب والصنعة لا السؤال.
﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ ويؤمنون بدار الجزاء ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ خائفون أن يصيبهم فيتعبون أنفسهم في طاعة ربّهم بأداء الواجبات وترك المحرّمات وبذل الأموال ،
__________________
(١) الخصال : ٦٢٨ / ١٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٧.
(٢) الكافي ٣ : ٥٠٠ / ١١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٧.
(٣) المحارف : المحروم يطلب فلا يرزق.
(٤) الكافي ٣ : ٥٠٠ / ١٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٨ / ٣١٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٧.
(٥) الكافي ٣ : ٥٠٠ / ١٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٨ / ٣١٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٧.