عن ابن عباس : أنّ علّيين السماء الرابعة (١) . وفي رواية اخرى عنه : أنّه السماء السابعة (٢) . وقيل : هي سدرة المنتهى (٣) . وقيل : هي قائمة العرش اليمنى (٤) . وقيل : هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة والاكرام قد عظّمها الله وأعلى شأنها (٥) . وقيل : هي عند ديوان أعمال الملائكة (٦) ، إن كان لهم أيضا ديوان كما للانسان.
وعلى أي تقدير قد عظّمه الله تعالى بقوله : ﴿وَما أَدْراكَ﴾ أيّها العاقل الدراك ﴿ما عِلِّيُّونَ﴾ وأي مكان هو في عظمة الشأن ورفعة المنزلة عند الله وعند أوليائه ؟ فانّ إدراككم وعقلكم قاصر عن دركه والإحاطة به في الدنيا.
ثمّ مدح سبحانه كتاب الأبرار بقوله : ﴿كِتابٌ﴾ وديوان ﴿مَرْقُومٌ﴾ ومكتوب فيه أعمالهم الخيرية ، يعرفها كلّ من نظر فيه ، أو معلّم بعلامة دالة على أنّ أصحابه من السعداء ، أو مختوم : ﴿يَشْهَدُهُ﴾ الملائكة ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ عند الله. قيل : كما وكّلهم الله باللّوح المحفوظ كذلك وكّلهم بحفظ كتاب الأبرار في جملة ذلك الكتاب الذي هو امّ الكتاب إعظاما له (٧) .
والحاصل على ما قيل : إنّ الحفظة إذا صعدت بكتب الأبرار يسلّمونها إلى هؤلاء المقرّبين ، فيحفظونها كما يحفظون كتب أنفسهم ، أو ينقلون ما في تلك الكتب إلى ذلك الكتاب الذي وكّلوا بحفظه ، فيصير علمهم شهادة (٨) .
وقيل : إنّ المراد كتاب موضوع في علّيين ، كتب فيه ما أعدّ الله لهم من الكرامة والثواب (٩) .
عن ابن عباس : إنّه مكتوب في لوح من زبرجد معلّق تحت العرش (١٠) .
قيل : يشهد ذلك الكتاب إذا سعد به إلى عليّين المقرّبون من الملائكة كرامة للمؤمن (١١) .
روي أنّ الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقلّونه ، فاذا انتهوا إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم : أنّكم الحفظة على عبدي ، وأنا الرقيب على ما في قلبه ، وإنّه أخلص عمله ، فاجعلوه في علّيين ، فقد غفرت له. وإنّها تصعد بعمل العبد فيزكّونه ، فاذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم : أنتم الحفظة على عبدي ؛ وأنا الرقيب على قلبه ، إنّه لم يخلص لي عمله ، فاجعلوه في سجّين (١٢) .
عن الباقر عليهالسلام قال : « إنّ الله خلقنا من أعلى علّيين ، وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك ، وقلوبهم تهوي إلينا ، لأنّها خلقت ممّا خلقنا منه » ثمّ تلا هذه الآية ﴿كَلَّا إِنَ
__________________
(١- ٦) تفسير الرازي ٣١ : ٩٧.
(٧) تفسير الرازي ٣١ : ٩٧.
(٨-١١) تفسير الرازي ٣١ : ٩٧.
(١٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٧٠.