عن الصادق عليهالسلام ، قال : « المحروم المحارف (١) الذي حرم كدّ يده من الشراء والبيع » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « المحروم الذي ليس بعقله بأس ، ولا يبسط له الرزق ، وهو محارف » (٣) .
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان عبادة المتقين وحسن أعمالهم وحسن جزائهم ، بيّن استحقاقه للعبادة والجهد في الطاعة وطلب مرضاته بقوله : ﴿وَفِي الْأَرْضِ﴾ سهلها وجبلها ، وبرّها وبحرها ، وعيونها وأنهارها ، ومسالكها وفجاجها ، ونباتها وأشجارها ، وأثمارها ومعادنها ، وما رتّب فيها ودبّر لمنافعها لسكّانها ﴿آياتٌ﴾ عظيمة ، ودلائل واضحة على وجود صانعها ووحدانيته ، وقدرته وعلمه وحكمته ، وإرادته ورحمته ، وإنّما يكون الانتفاع بتلك الآيات ﴿لِلْمُوقِنِينَ﴾ بتوحيد الله ، فانّهم لا يغفلون عنه في حال ، ويرون له في كلّ شيء آية ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ﴾ خصوصا آيات ودلائل على أن لها صانعا مستجمعا لجميع الكمالات ، حيث إنّه انطوى في كلّ فرد منكم نظير كلّ موجود يكون في العالم ، مع ماله من الأفعال البديعة والصنائع المختلفة العجيبة ، والعلوم الشريفة ، والمعارف العالية ، والكمالات النفسانية الانسانية ، أ أنتم عمون ﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ تلك الآيات بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلّوا بالصنعة على الصانع وبالنقش على النقّاش وكماله.
فى فضيلة علي عليهالسلام
روى بعض العامة : أنّ عليا عليهالسلام صعد يوما على المنبر فقال : « سلوني عمّا دون العرش ، فانّ ما بين جوانحي علم جمّ ، هذا لعاب رسول الله صلىاللهعليهوآله في فمي ، هذا ما رزقني الله من رسول الله صلىاللهعليهوآله رزقا » وفي رواية : « هذا ما رقّني رسول الله زقّا ، فو الذي نفسي بيده ، لو اذن الله للتوراة والانجيل أن يتكلّما ، فأخبرت بما فيهما لصدقاني » .
وكان في المجلس رجل يماني ، فقال : ادّعى هذا الرجل دعوى عريضة لأفضحنّه. فقام وقال : يا علي ، أسأل ؟ قال « سلّ تفقّها ولا تسأل تعنّتا » .
فقال : أنت حملتني على ذلك ، هل رأيت ربّك يا علي ؟ قال : « ما كنت أعبد ربا لم أره » . فقال : كيف رأيت ؟ فقال : « لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأت القلوب بحقيقة الإيمان ، ربّي واحد لا شريك له ، أحد لا ثاني له ، فرد لا مثل له ، لا يحويه مكان ، ولا يداوله زمان ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا يقاس بالقياس » فسقط اليماني مغشيا عليه ، فلمّا أفاق ، قال : عاهدت الله أن لا أسال تعنّتا (٤) .
﴿وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما
__________________
(١) المحارف : المحروم يطلب فلا يرزق.
(٢) الكافي ٣ : ٥٠٠ / ١٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٧٠.
(٣) الكافي ٣ : ٥٠٠ / ١٢ ، وتفسير الصافي ٥ : ٧٠ ، عن الباقر والصادق عليهماالسلام.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ١٥٩.