مرتين ، كلّ ذلك يحول الله بيني وبين ما اريد من ذلك ، ثمّ ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته » (١) .
أقول : المذهب الذي عليه أهل الحقّ أنّ النبي صلىاللهعليهوآله معصوم من الهمّ بالمعصية من أوّل عمره إلّا أن يحمل السوء في الرواية على ترك الاولى.
وقيل : إنّ العرب تسمّي الشجرة الفريدة في الفلاة ضالة ، والمعني وجدك في تلك البلاد كشجرة في مفازة الجهل ، لا يحمل ثمرة الايمان إلا أنت ، فهديت بك الخلق (٢) .
وقيل : يعني وجدك ضالا ومنفردا عن الضالين مجانبا لدينهم ، فهديك إلى معاشرتهم ، ودعوتهم إلى الدين المبين (٣) .
وقيل : وجدك ضالا عن مرضعتك حليمة حين أرادت أن تردّك إلى جدّك ، فدخلت على هبل فشكت إليه فتساقطت الأصنام ، وسمعت صوتا يقول : إنّما هلاكنا بيد هذا الصبي (٤) .
وروي أنّه عليهالسلام قال : « ضللت عن جدّي عبد المطلب وأنا صبيّ ضائع ، كاد الجوع يقتلني ، فتعلّق باستار الكعبة وهو يقول :
يا ربّ ، ردّ ولدي محمدا |
|
[ اردده ربي واصطنع عندي يدا ] |
فما زال يردّد هذا عند البيت حتّى أتاه أبو جهل على ناقة ومحمّد بين يديه ، وهو يقول : لا تدري ما ذا ترى من ابنك ؟ فقال عبد المطلب : ولم ؟ قال : إنّي أنخت الناقة وأركبته من خلفي فأبت الناقة أن تقوم ، فلمّا أركبته أمامي قامت الناقة » (٥) .
وعن ابن عباس أنّه قال : ردّه الله إلى جدّه بيد عدوّه كما فعل بموسى حين حفظه على يد عدوه(٦) .
وقيل : إنّه صلىاللهعليهوآله خرج مع غلام خديجة ، فأخذ كافر بزمام بعيره حتى ضلّ ، فأنزل الله تعالى جبرئيل في صورة آدمي فهداه إلى القافلة (٧) .
وقيل : إنّ أبا طالب خرج به إلى الشام ، فضلّ عن الطريق ، فهداه الله إليه (٨) .
وقيل : يعني وجدك ضالا ومغمورا في الكفّار ، فقواك الله حتّى أظهرت دينك (٩) .
وعن الرضا عليهالسلام : « ووجدك ضالا في قوم لا يعرفون فضل نبوتك فهداهم الله بك » (١٠) .
وفي رواية عنه عليهالسلام : « ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ يعني عند قومك ﴿فَهَدى﴾ أي هداهم إلى معرفتك » (١١) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٧.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٦.
(٤-٩) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٦.
(١٠) تفسير القمي ٢ : ٤٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤١ ، ولم ينسباه إلى الإمام الرضا عليهالسلام.
(١١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٠٠ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤١.