وعنه رضى الله عنه : ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرّا إلّا أراه الله إياه ، أمّا المؤمن فيغفر له سيئاته ويثيبه بحسناته ، وأمّا الكافر فيردّ حسناته تحسيرا له ويعذّب بسيئاته (١) .
وعن الباقر عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « يقول : إذا كان من أهل النار وقد عمل في الدنيا مثقال ذرّة خيرا يره يوم القيامة حسرة ، إنّه كان عمله لغير الله ، ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ يقول : إذا كان من أهل الجنّة وعمل شرا ، رأى ذلك الشرّ يوم القيامة ثمّ يغفر له » (٢) .
وقيل : من يعمل مثقال ذرّة من خير وهو كافر فانّه يرى ثواب ذلك في الدنيا حتّى يلقى الآخرة ، وليس فيها شيء ، وهو مرويّ عن ابن عباس (٣) .
قيل : نزلت هذه الآية في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل ، فيستقلّ أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ، ويقول : ما هذا بشيء ، وإنّما نؤجر على ما نعطي (٤) ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، ويقول : لا شيء عليّ من هذا ، إنّما الوعيد بالنار على الكبائر ، فنزلت هذه الآية ترغيبا في القليل من الخير ، فانّه يوشك أن يكثر ، وتحذيرا من اليسير من الذنب ، فانّه يوشك أن يكبر (٥) .
قيل : إنّها أحكم آية ، وسمّيت الجامعة (٦) .
روى أنّ جدّ الفرزدق بن صعصعة بن ناجية أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله يستقرئه ، فقرأ هذه الآية ، فقال: حسبي حسبي ، فألقى نفسه على الأرض وبكى (٧) .
وروي أنّ رجلا جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال : علّمني ممّا علّمك الله ، فدفعه إلى رجل يعلّمه القرآن ، فعلّمه ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ حتّى بلغ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ إلى آخره ، فقال : حسبي ، فأخبر بذلك النبي صلىاللهعليهوآله فقال : « دعه فقد فقه الرجل » (٨) .
وفي الحديث العامّي : « إذا زلزلت تعدل ربع القرآن » (٩) وفي بعض الأخبار أنّها تعدل نصف القرآن (١٠) .
وعن الصادق عليهالسلام : « لا تملّوا من قراءة ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها﴾ فانّ من كانت قراءته في نوافله لم يصبه الله بزلزلة أبدا ، ولم يمت بها ، وبصاعقة ، ولا بآفة من آفات الدنيا ، فاذا مات امر به إلى الجنة ، فيقول الله عزوجل : عبدي أبحتك جنّتي ، فاسكن منها حيث شئت وهويت ... » الخبر (١١) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ٦١ ، تفسير أبي السعود ٩ : ١٨٩ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٤.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٤٣٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٨.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٦١.
(٤) في النسخة : يؤخر على ما يعطي.
(٥) تفسير الررازي ٣٢ : ٦٢ ، وفي النسخة : أن يكثر.
(٦) مجمع البيان ١٠ : ٨٠٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٨ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٥.
( ٧ - ١٠ ) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٥.
(١١) ثواب الأعمال : ١٢٤ ، مجمع البيان ١٠ : ٧٩٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٩.