والغرب لها متواضعة (١) .
وقيل : إنّ المراد به من لا ناصر له ولا معين ، فكذّبهم الله ؛ لأنّ الله هو مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين ، وأنّ الكفار لا ناصر لهم (٢) .
وقيل : إنّ المراد به الحقير الذليل ، رووا أنّ أبا جهل اتّخذ ضيافة لقومه ، ثمّ قال : محمد ابتر ، ثمّ قال : قوموا حتى نذهب إلى محمد وأسارعه واجعله ذليلا حقيرا ، فلمّا وصلوا إلى دار خديجة ، وتوافقوا على ذلك ، أخرجت خديجة بساطا ، فلمّا تصارعا جعل أبو جهل يجتهد في أن يصرعه ، وبقي النبيّ واقفا كالجبل ، ثمّ بعد ذلك رماه النبي صلىاللهعليهوآله على أقبح وجه ، فلمّا رجع أخذه باليد اليسرى ، فصرعه على الأرض مرة اخرى ، ووضع قدمه على صدره (٣) .
وقيل : إنّ المراد من قوله : ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ هذه الواقعة (٤) .
وقيل : إنّه لمّا نسب النبي صلىاللهعليهوآله إلى القلّة والذلّة ، ونفسه بالكثرة والدولة ، قلب الله الأمر عليه ، وبيّن أن العزيز من أعزّه الله ، والذليل من أذلّه الله ، والكثرة والكوثر لمحمد ، والابترية والذّمامة (٥) والذلّة لعدوّه ، فكان من أول السورة وآخرها نوع مطابقة.
وقيل : إنّ المراد به المنقطع عن الملك والسلطنة ، وقد مرّ أنّ رجلا قام إلى الحسن بن علي وقال :
سوّدت وجه المؤمنين بأن تركت الإمامة لمعاوية ، فقال : « لا تؤذيني يرحمك الله ، فانّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رأى بني امية في المنام يصعدون منبره رجلا رجلا ، فساءه ذلك ، فأنزل الله تعالى ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ و﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ فقال : ملك بني امية كذلك ، ثمّ انقطعوا وصاروا مبتورين»(٦) .
وقيل : إنّ المراد أنّ كلامهم الفاسد في حقّك منقطع ومضمحلّ ، وأمّا المدح الذي ذكرناه فيك فإنّه باق على وجه الدهر (٧) .
عن القمي رحمهالله قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله المسجد ، وفيه عمر بن العاص والحكم بن العاص ، فقال عمرو : يا أبتر ، وكان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمّي أبتر. ثمّ قال عمرو : إنّي لأشنأ محمدا أي أبغضه ، فأنزل الله على رسوله السورة ﴿إِنَّ شانِئَكَ﴾ أي مبغضك ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أي لا دين له ونسب (٨) .
وممّا تضحك به الثكلى معارضة مسليمة لهذه السورة بقوله : إنا أعطيناك الجماهر ، فصلّ لربك وهاجر ، إن مبغضك رجل كافر. فانّ تغيير ثلاث كلمات لا يكون معارضة مع عدم المناسبة بين
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٣.
(٢-٤) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٣.
(٥) في تفسير الرازي : والدناءة.
(٦و٧) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٤.
(٨) تفسير القمي ٢ : ٤٤٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٣.