﴿وَأَنَّهُ﴾ تعالى وحده ﴿هُوَ أَماتَ﴾ الأحياء ﴿وَأَحْيا﴾ الموتى ، ولا يقدر عليهما غيره ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ﴾ والصنفين من كلّ حيوان ﴿الذَّكَرَ وَالْأُنْثى﴾ مع كونهما متضادّين ﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾ وماء متكوّن في الصّلب ﴿إِذا تُمْنى﴾ وتدفق في الرّحم ، أو تتحوّل من الدم مع اتخاذ صورتها. وقيل : معنى ( إذا تمنى ) إذا قدّر منها الولد (١) .
﴿وَأَنَ﴾ الله يجب ﴿عَلَيْهِ﴾ بحكم العقل وبمقتضى الحكمة أن يوجد ﴿النَّشْأَةَ الْأُخْرى﴾ ويعيد الخلق فيها تارة اخرى ، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالمثوبة الحسنى.
وقيل : إنّ المراد من النشأة الاخرى نفخ الروح الانساني في الجسد (٢) بعد خلقه وتكميل أجزائه وصورته ، كما قال سبحانه : ﴿ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ﴾(٣) .
﴿وَأَنَّهُ﴾ تعالى ﴿هُوَ أَغْنى﴾ الانسان ، وأعطاه جميع ما يحتاج إليه في تعيّشه ﴿وَأَقْنى﴾ وأعطاه القنية والأموال المدّخرة الباقية كالإبل والبقر والغنم والمرعى الطيّب والرياض النّضرة.
وعن الصادق عليهالسلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في هذه الآية. قال : « أغنى كلّ إنسان بمعيشته ، وأرضاه بكسب يده » (٤) .
﴿وَأَنَّهُ﴾ تعالى ﴿هُوَ﴾ بالخصوص ﴿رَبُ﴾ الكوكب ﴿الشِّعْرى﴾ قيل : إنّه كوكب يطلع خلف الجوزاء ، تعبده خزاعة (٥) .
وعن القمي رحمهالله ، قال : نجم في السماء يسمّى الشّعرى ، وكانت قريش وقوم من العرب يعبدونه ، وهو نجم يطلع في آخر الليل (٦) . والمعنى : أعبدوا الربّ دون المربوب.
وقيل : في النجوم شعريان : أحديهما شامية ، والاخرى يمانية ، وكان العرب يعبدون اليمانية (٧).
﴿وَأَنَّهُ﴾ تعالى ﴿أَهْلَكَ﴾ بالعذاب ﴿عاداً الْأُولى﴾ وهم قوم هود ، قدّم ذكرهم ووصفهم بالاولى ؛ لأنّهم أولى الامم هلاكا بعد قوم نوح. وقيل : إنّ عادا الاخرى من نسلهم ، وهي التي قاتلها موسى بأريحا (٨) .
﴿وَ﴾ أهلك ﴿ثَمُودَ﴾ بالصيحة ﴿فَما أَبْقى﴾ على وجه الأرض منهم ، أو من الفريقين أحدا ، لكفرانهم نعم ربّهم ، وطغيانهم عليه بعد إغنائهم وإقنائهم ﴿وَ﴾ إنّه أهلك ﴿قَوْمَ نُوحٍ﴾ بالطّوفان والغرق ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ وفي العصر السابق على أعصار سائر الامم المهلكة ﴿إِنَّهُمْ كانُوا﴾ على نبيّهم
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٥.
(٢) تفسير الرازي ٢٩ : ٢١.
(٣) المؤمنون : ٢٣ / ١٤.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٣٩ ، معاني الأخبار : ٢١٤ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٧.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٧.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٣٣٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٧.
(٧) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٣ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٧.
(٨) تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٧.