فقلت له : جُعلت فداك ، أردت أن أسأل أباك فلم يُقضَ لي ذلك ، قال : وما هو؟ قلت : يا سيدي ؛ روي لنا عن آبائك : أن نوم الأنبياء على قفاهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم الشياطين على وجوههم ، والمنافقين على شمائلهم؟! قال : كذلك هو ، قلت : يا سيدي ، فأنا أجهد أن أنام على يميني فلا يأخذني النوم عليها!
فقال لي : ادن مني ، فدنوت منه ، فأخرج يده من ثيابه وأدخلها في ثيابي ومسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرّات.
فمنذ فعل بي ذلك ما يأخذني نوم على يساري وما أقدر أن أنام عليها (١).
بقايا أحداث عام (٢٥٤ ه):
في شهر رمضان عام (٢٥٤ ه) صيّر المعتزّ بايكباك التركي معاونه لأعمال مصر ، فولّاها بايكباك إلى أحمد بن طولون التركي ، فترك سامرّاء إلى الفسطاط.
وحيث آثر المعتزّ بايكباك وتنكّر لبُغا الصغير بلغه أن بُغا يحاول البغي عليه فأخذ المعتزّ يدبّر لقتله ، وبلغ ذلك إلى بُغا فهرب إلى ناحية الموصل وهو يقدّر أن أكثر الأتراك لا يتركونه بل سيلتحقون به! فلمّا لم يلحقه أحد منهم عاد راجعاً في زورق فعرفه أصحاب مسلحة الجسر (المخفر) وكاتبوا إلى المعتزّ بخبره فأمر بقتله فقتلوه ، ونفى ابنه فارس إلى المغرب. ونُهبت دورهم (٢).
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٥١٣ ، باب مولد العسكري عليهالسلام ، الحديث ٢٧.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٣.