تعاظم أمر القرامطة :
مرّ الخبر عن نشوء القرامطة في عراق الكوفة ، ونجدهم اليوم أنهم تغلّبوا على البحرين! بقيادة أبي سعيد الجنابي ، وكان على حرب البصرة أحمد بن محمد الواثقي ، وقد استمرّ سور البصرة بعد صاحب الزنج غير حصين ، فخاف الواثقي أن يكبسها الجنابي! فكتب بذلك إلى المعتضد ، فأطلق لتحصينها أربعة عشر ألف دينار فبُنيت وحُصّنت عام (٢٨٦ ه) (١).
وقال ابن العبري : في سنة (٢٨٥ ه) ظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي ودعا بدعوة القرامطة ، فاجتمع إليه جمع من الأعراب حتى قوى أمره ؛ فقاتل ما حوله من القرى حتى صار إلى القطيف وتغلّب عليها ، ثمّ أظهر أنه يريد البصرة ، فلمّا وصل خبره إلى الواثقي كتب إلى المعتضد ، فأمر المعتضد ببناء سور البصرة بأربعة عشر ألف دينار (٢).
وقيل : بل في سنة (٢٨١ ه) ظهر رجل في القطيف وادّعى أنه يحيى بن المهدي (؟) وأنه رسول من المهدي عليهالسلام إليهم ومعه كتاب منه يدعوهم فيه للتهيّؤ لظهوره فيدعوهم إلى نصرته! فاستجاب له جمع منهم رجل أصله من فارس يدعى أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابي (٣) تحالف مع يحيى بن المهدي وأخذا ينسّقان فيما بينهما لجمع الأنصار وتعبئة الجماهير ، فتبعهما جمع كثير من قبائل البادية وسائر الناس.
وبعد أن ازداد أنصاره وقوى أمره استولى بهم على حكم القطيف أولاً ،
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١٧٥.
(٢) تاريخ مختصر الدول : ١٥١.
(٣) لعلّه نسبة إلى جَنابة معرّبة گناوة من موانئ الخليج الفارسي.