كيفية رحلة المأمون :
قال اليعقوبي : كانت خراسان قد استقامت وأعطى ملوكها الطاعة ، وأسلم حتّى ملك التبّت (من الصين) وقدم على المأمون بصنم له من ذهب على سرير من ذهب مرصّع بالجوهر ، فأرسله المأمون إلى الكعبة يعرّف الناس هداية الله لملك التبّت ، ولم تبقَ ناحية من نواحي خراسان يُخاف خلافها. وعند خروجه من مرو استخلف على خراسان رجاء بن أبي الضحاك قرابة الفضل بن سهل ، فلمّا فصل المأمون من خراسان قلَّت مداراة رجاء بن أبي الضحاك وضعف في تدبيره وحزمه في الأُمور ، فخاف المأمون اضطراب خراسان فعزله ، وولّى غسّان بن عبّاد ، فأحسن السيرة واستمال ملوك النواحي.
وكان المأمون كلما مرّ ببلد أقام فيه حتّى يصلح حاله وينظر في مصالح أهله (١).
وكان بمحضر الرضا عليهالسلام يؤمّل أن يدخل بغداد ويقول : ندخل بغداد ونفعل كذا وكذا إن شاء الله! فقال له الرضا عليهالسلام : يا أمير المؤمنين : أنت تدخل بغداد! وسمعه كاتبه أبو الحسن محمّد بن أبي عبّاد الذي ضمّه إليه الفضل بن سهل ليكتب له ، قال : فلمّا خلوت به قلت له : إني سمعت منك شيئاً غمَّني ، وذكرت له ذلك فقال : يا أبا حسن ـ وكذا كان يكنّيني بطرح الألف واللام ـ وما أنا وبغداد؟! لا أرى بغداد ولا تراني (٢)!
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٥٢ ـ ٤٥٣.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، الباب ٤٩ ، الحديث ١ عن كتاب الأوراق للصولي.