الجرّاح والنوبختي والعقيقي :
في سنة (٢٩٨ ه) بمصر كادت ضيعة لعلي بن أحمد العقيقي أن تضيع من حقّه ، وكأنّه لم ير لحاجته قضاءً إلّالدى علي بن عيسى الجرّاح وزير المقتدر ببغداد ، فرحل إلى بغداد وعاد مقضيّ المرام إلى مصر ، وفي بلدة نصيبين بشمال العراق في طريقه إلى مصر ، التقى بالحسن بن محمد العلوي فحكى له أمره قال : ذهبت إلى الوزير الجرّاح وسألته حاجتي بشأن ضيعتي بمصر ، فقال لي الوزير : إن أهل بيتك كثير فإن ذهبنا نعطي كل ما سألونا طال ذلك! قال : فغضبتُ وقلت له : فإنّي أذهب لأسأل من يكون قضاء حاجتي على يده! فقال الوزير : ومَن هو؟ قلت : الله عزوجل! وخرجت وأنا أقول : في الله درك من كل فائت وعزاء من كل هالك ، وانصرفت.
وجاءني رسول من قبل الحسين بن روح فشكوت إليه شكايتي ، فذهب وجاءني بمنديل فيه أكفان وحنوط ومئة درهم عدداً ووزناً وقال لي : إنّ مولاي يُقرئك السلام ويقول لك : إنّ هذا منديل مولاك عليهالسلام فإذا أهمّك أمر أو غمّ فامسح وجهك بهذا المنديل ، وخذ هذه الدراهم وهذه الأكفان وهذا الحنوط ، وستُقضى حاجتك هذه الليلة ، فإذا عُدت إلى مصر يكون قد مات قبلك محمد بن إسماعيل (؟) بعشرة أيام ، ثمّ تموت أنت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وجهازك! وانصرف الرسول.
وإذا بالباب يُدق وعليه المشاعل ، وكان معي غلامي «خير» فقلت له : يا خير ، انظر مَن هو ذا؟ فعاد وقال : هذا غلام حُميد بن محمد الكاتب ابن عمّ الوزير الجرّاح ، ثمّ أدخله عليَّ فقال لي : يقول لك مولاي حُميد الكاتب : اركب إليّ فقد طلبك الوزير! فركبت فأخذ بي وفُتحت لنا دروب الشوارع إلى شارع الرزّازين فإذا بحُميد ينتظرني فلما رآني ركب وأخذني حتى أدخلني على الوزير الجرّاح فقال لي : يا شيخ ، قد قضى الله حاجتك واعتذر إليّ ودفع إليّ كتاباً مختوماً (بشأن حاجتي في ضيعتي) فأخذته وخرجتُ من عنده.