في موضع فَيد مكراً! فذهب الأعراب وجمعوا جمعهم ليستنقذوا صالحاً من يده ، فعادوا إليه ورئيسهم جحش بن ذيّال ، فقاتلهم أبو الأغر حتى قتل رئيسهم ابن ذيّال وأخذ رأسه ، وعلم صالح بذلك فلمّا جاءه غلام بطعامه استلب منه سكّينه وانتحر به ، فنصب رأسه أبو الأغر بالمدينة فتباشر به الحجّاج.
فلمّا عاد أبو الأغر مع سائر أُمراء قوافل الحجّاج ، كانت الأعراب من طيِّئ وأحلافها قد تحشدت واجتمعت في ثلاثة آلاف فارس ومثلهم راجلين ، وذلك بين منزل الحاجر ومعدن القرشي ، وطالت الحرب بينهم ثلاثة أيام ، ثمّ انهزم الأعراب وسلم الناس.
ودخل أبو الأغر بغداد وقدّامه رؤوس صالح وعبده الأسود وجحش بن ذيّال! وأربعة من أبناء عم صالح أُسراء! فطوق المعتضد أبا الأغر بطوق من ذهب وخلع عليه ، ونُصبت الرؤوس على الجسور (١).
ومصير ابن الشيخ بآمد :
كان أحمد بن عيسى بن الشيخ عبد الرزاق قد تمرّد بآمد ، وبعده تحصّن بها ابنه محمد بن أحمد ، فقصده المعتضد بعسكره حتى بثّ جيوشه حولها وحاصرها ، ووجّه إليه شعبة بن شهاب اليشكري ليتمّ عليه الحجة ، وهو غلام حدث معجب بنفسه أنصت لأقوال السفهاء واستمدّ بآرائهم.
وانتهى الأمر إلى أنه لمّا عظم القتال وجّه إليه المعتضد بالأمان فنزل عليه إلى المعتضد. وتقدّمت عمّته أُم شريف بالشفاعة إليه فشفّعها في كثير من أهلها ممن عظم جرمه واستحق عليه العقوبة. وذلك في أوائل عام (٢٨٦ ه) (٢).
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١٧٥ ، ١٧٦.
(٢) مروج الذهب ٤ : ١٥٢ ـ ١٥٤.