سعد الأعسر تخلّف فواقف أبا العباس فهزمه واستباح عسكره ، فانهزم أبو العباس إلى العراق (١).
فغضب عليه أبوه الموفّق فأوقفه بدار وزيره إسماعيل بن بلبل الشيباني (مولاهم) مضيقاً عليه ، وخرج أبوه الموفق إلى بلاد الجبال فآذربايجان ، ووافى من آذربايجان عليلاً مدنفاً متورّماً في بيت من الخشب مبطّناً بالحرير والخزّ ، يحملونه على أكتافهم متناوبين ، فدخل بغداد في صفر سنة (٢٧٨ ه) واشتدت علّته وارجف بموته.
وكان الوزير إسماعيل بن بلبل قد وكّل بأبي العباس مولاه بكتمر ليحبسه في المدائن على أقل من يوم من بغداد ، وأيس الوزير إسماعيل من الموفّق فأرسل إلى بكتمر أن ينصرف بأبي العباس إلى بغداد ، فدخل إليها من يومه.
وبلغ إسماعيلَ الوزير صلاح حال الموفّق ، فأخرج الخدّام : يأنس ومؤنس وصافي الحرمي وغيرهم من خدم الموفق اخرجوا أبا العباس من حبسه في دار ابن إسماعيل الوزير وساروا به إلى الموفق.
وأسرع سائر الخدم مع عامة الناس إلى نهب دور الأجلّة والكتّاب فنهبوها وفتحوا أبواب السجون والجسور فلم يبق أحد منهم في الحديد والمَطبق إلّااخرج فكان أمراً فظيعاً!
وخلع الموفق على ابنه أبي العباس وسمّاه المعتضد وانصرفوا من عنده .. ومكث الموفق بعد ذلك ثلاثة أيام ثمّ توفي في أواخر صفر سنة (٢٧٨ ه) وقام المعتضِد بتدبير أُمور الناس ، وخلع ابن عمه جعفر المفوّض بن المعتمِد من ولاية عهده ، واستمر إسماعيل بن بلبل في وزارته ثمّ عزل وعذّب حتى
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١٢٢.