وكان ابن مقلة قد اختفى فعزله واستوزر محمد بن القاسم بن عبيد الله ، ثمّ جدّ في طلب أحمد بن المكتفي ، لأنه اتفق مع ابن مقلة على خلع القاهر وإقامته مقامه ، فلمّا ظفر به القاهر بنى عليه حائطاً حتى مات فيه ، في أوائل شعبان سنة (٣٢١ ه) وعلى عادتهم نُظّفت الرؤوس وجعلت في خزانة الرؤوس (١)!
واختصر الخبر السيوطي قال : اتفق مؤنس وابن مُقلة وآخرون على خلعه بابن المكتفي ، وبلغ القاهر ، فتحيّل حتى أمسكهم وذبحهم ، وطيّن على ابن المكتفي بين حائطين ، واختفى ابن مقلة فأُحرقت داره ودور المخالفين! وشغب عليه جنودهم فأطلق لهم أرزاقهم فأسكتهم ، وأمر فنقشوا على السكة : القاهر المنتقم من أعداء دين الله! وزاد على لقبه القاهر : المنتقم!
قال : وكان لا يفتر عن سماع الغناء بل لا يصحو من السكر! ومع ذلك أمر في هذه السنة (٣٢١ ه) ببيع الجواري المغنّيات وحرّم بيع القيان وكسر آلات اللهو! وقبض على المغنّين ونفى المخانيث وحرّم الخمور (٢)!
انتقام ابن مقلة من القاهر المنتقم :
كان ابن مقلة مستتراً والقاهر يتطلّبه ، وهو يراسل قواد الجنود الساجيين يخوّفهم من شر القاهر ويذكر لهم غدره ونكثه مكرراً كقتله مؤنس وبليق وابنه بعد الأيمان لهم ، بل كان هو يجتمع إلى سيما وهو زعيم الجنود الساجيين بزيّ امرأة أو متكدٍّ أعمى ويغريه بالقاهر! وكان لسيما هذا منجّم ومعبّر وعرفهما ابن مقلة فأعطى منجّمه مئتي دينار ليذكر لسيما أن طالعه يقتضي أن ينكبه القاهر!
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥٤.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٤٩.