وكان يكثر مجالسة القاسم بن عبيد الله ، على عهد وزارة أبيه عبيد الله بن سليمان للمعتضد ، فبلغ ذلك إلى الوزير فأمر ابنه القاسم بطرده بل بقتله ، وكان أعدى الناس لابن الرومي : ابن فراس فدسه عليه فدس إليه خبزاً محلّى بسكّر مسموم فقتله في أواخر جمادى الأُولى سنة (٢٨٣ ه) (١).
كتاب المعتضد بشأن الأُمويين :
كان أهل الفتيا والقُصّاص يقعدون حلقاً في المسجدَين الجامعَين بالجانبَين ببغداد ، والباعة يقعدون في رحابهما ، وجماعة يسقون الماء فيهما ويترحَّمون على معاوية ويجتمعون على من يناظر أو يجادل في ذلك!
فأمر المعتضد فكُتبت نسخ أمر بقراءتها بالجانبين في الأرباع والأسواق والمحلات ، فقرئت عليهم منذ الخامس والعشرين من جمادى الأُولى عام (٢٨٤ ه) إلى العاشر من جمادى الآخرة ، فمنعهم من ذلك جميعاً. وفي يوم الجمعة الحادي عشر نودي في الجامعين : بأنّ الذمة بريئة ممّن اجتمع من الناس على مناظرة أو جدل ، وأن لا يترحّموا على معاوية ولا يذكروه بخير!
وكان المأمون قد أمر بإنشاء كتاب براءة من معاوية وبني أبيه ليُقرأ على الناس ، فانشئ ثمّ صُرف عن ذلك فبقي في ديوان الخلافة ، وذُكر للمعتضد فأمر بإخراجه وفيه :
بسم الله الرحمنِ الرحيم ، الحمد لله العلي العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم.
وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة ، من شبهة قد دخلتهم في أديانهم ، وفساد قد لحقهم في معتقدهم ، وعصبية قد غلبت عليها
__________________
(١) الغدير ٤ : ٨٤ ، ٨٥.