وعاد المعتصم من الثغر ، فلما وصل إلى الرَّقة ولّى غسّان بن عبّاد الجزيرة وقنّسرين والعواصم ، ونفذ إلى بغداد فقدِمها لأول رمضان (٢١٨ ه) واستوزر الفضل بن مروان (١).
وقال المسعودي : كان قاضي المأمون أحمد بن أبي دؤاد الإيادي فأبقاه المعتصم ، ثمّ استوزر محمد بن عبد الملك بن الزيات (٢).
موسى بن شاكر وبنوه :
قال ابن العبري : كان موسى بن شاكر في حداثته حرامياً يقطع الطريق ، ثمّ تاب وعلا حتى كان يصحب المأمون وليس هو من أهل العلم. ومات وخلّف ثلاثة صغارهم محمد وأحمد والحسن ، فوصّى بهم المأمون إسحاق بن إبراهيم المصعبي ، ولما بنى المأمون في بغداد مكتبة «بيت الحكمة» وجعل عليها يحيى بن أبي منصور أثبت أبناء موسى معه في بيت الحكمة ، فخرج بنو موسى بن شاكر نهاية في علومهم :
أصبح أكبرهم وأجلّهم أبو جعفر محمد وافر الحظّ من الهندسة والنجوم ، ثمّ خدم في الدولة وصار من وجوه القوّاد ، قبل أن يتغلب الأتراك على أريكة الملك.
وكان أحمد دونه في العلم إلّا «صناعة الحيل / الميكانيكا» فإنه فُتح له فيها ما لم يُفتح مثله لأحد!
وكان الحسن منفرداً بالهندسة ، وقد علم كل ما علم بطبعه ولم يقرأ شيئاً فيها إلّا ست مقالات من «كتاب اوقليدس في أُصول الهندسة» فقط ؛ وهي أقل من نصف الكتاب! إلّاأن ذكره كان عجيباً وتخيّله قوياً.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧١.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٤٥٩.