عظيم وقد اخذ علينا أننا لا نكشف هذا لأحد! فالله الله فيَّ لا يحلّ بي العذاب! ويا ستّي لولا أنك حملتيني على كشفه ما كشفته لك ولا لأحد غيرك!
فقال لي الشيخ النوبختي : يا بنيّة إياك أن تذهبي إلى هذه المرأة بعد هذا وإن كاتبتك فلا تقبلي لها رقعة ، وإن أنفذت إليك رسولاً فلا تقبلي رسولها ، فهذا كفر بالله وإلحاد ، قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجلعه طريقاً إلى أن يقول لهم : بأن الله حلَّ فيه واتحدّ به! كما تقول النصارى في المسيح عليهالسلام ، ويعدو إلى قول الحلّاج لعنه الله (وكان ذلك بعد هلاكه).
ثم كتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه فلمّا وصل كتابه إليهم أوصلوه إليه فبكى بكاءً عظيماً وقال لهم : إنّ لهذا القول «باطناً» عظيماً! وهو : أنّ اللعنة هي الإبعاد ، فمعنى قوله : لعنه الله : أي باعده الله عن عذاب النار! فالآن قد عرفتُ منزلتي! وعليكم بالكتمان لهذا الأمر ، وأخذ يمرّغ خديه في التراب!
فلم يبقَ أحد إلّاوتقدم الشيخ أبو القاسم إليه وكاتبه بلعن الشلمغاني والبراءة منه وممّن يتولّاه ويرضى بقوله أو يكلّمه أو يواليه. ونهى بني بسطام خاصّة عن كلامه ، وأمرهم بلعنه والبراءة منه ، فلم ينتهوا وأقاموا على تولّيهم له (١).
توقيع النوبختي بلعن الشلمغاني :
بدأ اقتدار المقتدر منذ عام (٢٩٥ ه) وبعد عشرة أعوام في (٣٠٥ ه) بدأت سفارة الحسين النوبختي ، واستمرّ اقتدار المقتدر إلى (٣١٧ ه). ولم نعلم متى رُفع أيّ تقرير على الشيخ النوبختي فأحضره وغيّبه عن الشيعة في داره ، إلّاأنه كان قبل (٣١٢ ه).
__________________
(١) كتاب الغيبة للطوسي : ٤٠٣ ـ ٤٠٥ ، الحديث ٣٧٨.