وكان القرمطي حين قلعه ضربه بدبّوس فكسره ثمّ اقتلعوه. ثمّ صعد على درج باب الكعبة وناداهم :
أنا بالله وبالله أنا |
|
يخلق الخلق وأفنيهم أنا (١)! |
وفي هذه الأحوال وقع ببغداد الاختلال والقيل والقال حول تفسير المقام المحمود في قوله سبحانه : (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً (٢)) فقال أبو بكر المروزي الحنبلي : إنّ معنى ذلك أنّ الله تعالى يُقعد النبي صلىاللهعليهوآله معه على عرشه! وقال غير الحنابلة : بل إنّما هي الشفاعة ، فوقعت بها فتنة عظيمة تدخَّل فيها العسكر والعامة وقُتل بينهم خلق كثير (٣)!
وفاة ابن زكريا الرازي :
في سنة (٣٢٠ ه) توفي محمد بن زكريا الرازي ، أوحد دهره وفريد عصره ، أقبل على تعلّم الفلسفة فنال منها كثيراً ، جمع المعرفة بعلوم القدماء لا سيما الطبّ ، لم يكن يفارق النَسخ إما تسويداً أو تبييضاً ، فأ لّف كتباً كثيراً أكثرها في صناعة الطب وسائرها في المعارف الطبيعية ومنها اثنا عشرة رسالة في الكيمياء دبّر بالريّ بيمارستاناً (مستشفى) فبنت له امّ المقتدر بيمارستاناً ببغداد كانت تصرف عليه في العام سبعة آلاف ديناراً. وكان هو كريماً متفضلاً بارّاً بالناس حسن الرأفة بالفقراء والعلويين حتى أنه كان يجري عليهم أرزاقاً واسعة ويمرّضهم. وفي آخر عمره نزل ماء في عينيه ، فجيء إليه بكحّال ليقدحهما؟
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٤٥.
(٢) الإسراء : ٧٩.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥٢ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٤٦.