وطال حبسه سنة في قلعة ، ثمّ أحضره وأحضر نطعاً وسيفاً وعاوده وهدّده ، فعاوده حُنين بقوله السابق! فتبسّم المتوكل وقال : أردنا امتحانك والطمأنينة إليك ، ولكن ما الذي منعك من الإجابة؟ قال : الدين والصناعة ، فأمّا الدين : فهو يأمر بالجميل مع الأعداء فكيف بالأصدقاء! وأمّا الصناعة ، فقد جُعل في رقاب الأطباء عهد بأيمان مغلّظة أن لا يعطوا دواءً قتّالاً لأحد! فخلع عليه.
وكان له ابن أُخت يقال له حُبيش الأعسم أحد الناقلين من اليوناني والسورياني إلى العربية ، وكان يرضى نقله ويقدمه على سائر تلامذته ، وكثير من نقله نُسب إلى حُنين ، فكثيراً ما يرون! بنقل حُبيش فيظنونه مصحَّفاً فيجعلونه : حنين! وكان لحنين بن إسحاق ابنان : داود طبيباً عاماً ، وإسحاق تولّى الترجمة وخدمها وأتقنها وأحسن فيها ويميل إلى الفلسفة أكثر من الطب (١).
محمد بن جعفر المنتصر :
قال اليعقوبي : أحضر أخويه إبراهيم المؤيد وأبا عبد الله المعتز وأخذ البيعة عليهما ، وأمر بعطاء الجنود لعشرة أشهر! وعاد من القصر الجعفري في الجعفرية إلى سامراء وأمر بتخريب تلك القصور! فنقل الناس عنها ورجعوا إلى منازلهم بسامرّاء ، وعطلت مدينة الجعفرية فصارت خراباً (٢).
قال المسعودي : وكان مربوعاً حسن الوجه أسمر مسمناً ، وبقي الحاجبان بغا ووصيف كما كانا (٣).
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١٤٤ ، ١٤٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٣.
(٣) التنبيه والإشراف : ٣١٤.