زواج المعتضِد بقطر الندى :
حيث مات أحمد بن طولون المولى العباسي المتمرّد عليهم بدمشق وخلفه ابنه خمارويه أبو الجيش ، وتغيّر الخليفة ببغداد إلى أحمد المعتضد ، وجعل وليّ عهده ابنه علياً ولقّبه بالمكتفي بالله ، وكان لخمارويه ابنة لقّبها بقطر الندى ، فزفّها مع رسوله الحسن بن عبد الله بن الجصاص مع سبعة أشخاص من مصر إلى بغداد ومعهم هدايا كثيرة وأموال جليلة ، وليسعوا في تزويج قطر الندى بعليّ المكتفي.
فلمّا وصلوا إلى المعتضد قبلهم وطلع عليهم وتقبّل قطر الندى لنفسه! وكان ابن الجصاص قد حمل معها جوهراً لم يجتمع مثله عند خليفة قط! وكان المعتضِد يومئذ بمدينة بلد ، فجعل صداقها ألف ألف (مليون) درهم وطيباً وأمتعة من العراق والهند والصين ، فحمل المعتضد ذلك لها على الماء إلى بغداد وانحدر هو من مدينة بلد إليها ، وخصّ أباها أبا الجيش ببدرة من الجوهر الثمين فيها أنوك من الجوهر والياقوت وتاج وإكليل ووشاح ، فحملوها إلى مصر في رجب سنة ثمانين ومئتين (١).
وقال المعتضد لأصحابه : أكرموها بشموع عنبر ، وكان في خزانتهم أربعمئة من أتوار الذهب والفضة وأربعمئة شمعة عنبر ، فأعدّوا أربعمئة وصيفة وأوقدوا الشموع في العشاء بأيدي هذه الوصائف قدّام قطر الندى! فاستكثرها المعتضِد وقال لهم : اطفِئوا شمعنا واسترونا (٢).
وكان في جهازها عشر صناديق جوهر فيها أربعة آلاف تكّة مجوهرة (٣).
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١٤٥ ، ١٤٦.
(٢) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٣٧
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٣٢.