أُولئك قوم اتخذوا أرض الله بساطاً وترابها سُباتاً وماءها طيباً ، والكتاب شعاراً والدعاء دثاراً. ثمّ قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام.
يا نَوف ؛ إنّ الله تعالى أوحى إلى عبده عيسى عليهالسلام أن قل لبني إسرائيل أن لا يدخلوا إليّ إلّابقلوب وجلة وأبصار خاشعة وأكفّ نقيّة ، وأعلِمهم أني لا أُجيب لأحد منهم دعوة ولأحد من خلقي قِبلهم مظلمة!
فكتبه المهتدي بخطه ، فإذا بايتُّه سمعته في جوف الليل يبكي ويمرّ على الخبر يقرأه إلى آخره (١).
أيام أحمد المعتمد العباسي :
كان المهتدي خاف على نفسه من أبناء المتوكل ومنهم أحمد ، فكان قد حبسه عنده في جوسق القصر ، فلمّا حُبس المهتدي اخرج أحمد من حبسه في جوسق القصر ، فبايعه الأتراك وغيرهم ، ولُقّب بالمعتمد على الله ، ثمّ مات المهتدي (٢) لمنتصف شهر رجب سنة (٢٥٦ ه) ، فاتّخذ عبيدَ الله بن يحيى بن خاقان وزيراً وقلّده أُموره ، وكتب بالبيعة إلى الآفاق ، فبايع بخراسان محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر الخزاعي (مولاهم) وفي كور الفرات مالك بن طوق التغلبي ، وفي ديار ربيعة ومضر وجند قنّسرين أبو الساج بن ديوداد الأشروسني وبمصر أحمد بن طولون التركي.
وامتنع في فلسطين عيسى بن الشيخ الربعي الشيباني ، وكانت فلسطين من أعمال دمشق ، فوجّه المعتمد أماجور التركي في سبعمئة منهم إلى دمشق لقتال الربعي الشيباني ، فقدم أماجور إلى دمشق ، وزحف إليه عيسى بن الشيخ من
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١٠٦ ، ١٠٧ (وذكره الرضي في نهج البلاغة).
(٢) مختصر تاريخ الدول : ١٤٧ ، ١٤٨.