يتوبوا! واليوم قد تكاثروا حتى عُدّوا نحواً من ثلاثين ألفاً في بطائح البصرة ، منهم اثنا عشر ألفاً لما بلغهم موت المأمون ـ ولعلّه بعد إدخال محمد بن القاسم العلوي الزيدي أسيراً مُهاناً إلى بغداد ـ حملوا السلاح واحتملوا الغلّات من البيادر في كَسكر وما يليها من البصرة وقطعوا الطريق وأخافوا السبيل. ورئيسهم محمد بن عثمان وصاحب حربه يُدعى سملق!
فوجّه المعتصم لحربه قائده عُجيف بن عنبسة في عشرة آلاف ، فوجّه عُجيف هارون بن نعيم الخراساني في خمسة آلاف إلى الصافية ، ومضى هو في خمسة آلاف إلى بُرودا فأقام عليه حتى سد نهره إلى الزُطّ وسدّ أنهاراً أُخرى إليهم فحصرهم من كل وجه. ثمّ حاربهم فقتل منهم ثلاثمئة وأسر خمسمئة ، وقتل أسراهم فكانوا ثمانمئة ، وقاتلهم تسعة أشهر ، حتى طلبوا منه الأمان ، فآمنهم فخرجوا إليه في ذي الحجة (٢١٩ ه) وعدتهم سبعة وعشرين ألفاً ، فجعلهم في السفن! إلى الزعفرانية ببغداد في ثلاثة أيام.
ثمّ دفعوهم إلى بشر بن السميدع فذهب بهم إلى خانقين! ثمّ نقلوا إلى عين زربة بثغر الروم ، فأغار الروم عليهم فاجتاحوهم ولم يفلت أحد منهم (١)!
وفاة ابن دُكين :
قال المسعودي : في سنة (٢١٩ ه) مات أبو نُعيم الفضل بن دُكين التيمي مولى آل طلحة بن عبيد الله ، بالكوفة (٢) في شعبان (٣) من مشايخ إسماعيل البخاري ومسلم النيشابوري ، وكان شيعياً (٤)!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٩ : ٨ ـ ١٠ ، وفي اليعقوبي ٢ : ٤٧٢.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٤٦٤.
(٣) تاريخ خليفة : ٣١٦.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٢ كتشيع المأمون لا أكثر!