مجلس الاستفتاء العام (٢٠٣ ه):
اختصّ «الاختصاص» المنسوب إلى المفيد بمرسلة عن علي بن إبراهيم القمي عن أبيه قال : لما مات أبو الحسن الرضا عليهالسلام حججنا (؟) فدخلنا على أبي جعفر الجواد عليهالسلام ، وقد حضر خلق من «الشيعة» من كلّ بلد لينظروا إلى أبي جعفر عليهالسلام.
فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخاً كبيراً نبيلاً عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجّادة ، فجلس. وخرج أبو جعفر عليهالسلام من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعال أبيض. فقام إليه عمّه عبد الله وقبّل ما بين عينيه ، وقامت «الشيعة» وقعد أبو جعفر على كرسي! ونظر الناس بعضهم إلى بعض تحيّراً لصغر سنّه.
فابتدر رجل من القوم فقال لعمّه : أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة!
فقال : تقطع يمينه! ويضرب الحد!
فغضب أبو جعفر عليهالسلام ونظر إليه وقال له : يا عم ، اتّق الله! اتّق الله! إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك : لِمَ أفتيت الناس بما لا تعلم؟!
فقال له عمّه : أستغفر الله ، يا سيدي ، أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟
قال أبو جعفر عليهالسلام : إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها (وسرق كفنها) فقال أبي : تقطع يمينه للنبش (وسرقة الكفن) ويضرب حدّ الزنا ، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية.
فقال : صدقت يا سيدي! وأنا أستغفر الله. فتعجّب الناس وقالوا : يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك؟ قال : نعم ، فسألوه عن ثلاثين ألف مسألة! فأجابهم فيها وله تسع سنين (١).
__________________
(١) الاختصاص المنسوب إلى المفيد : ١٠٢ ويظهر من الخبر أنّ الراوي يستظهر هذا العدد من الأسئلة لكل موسم الحج من تلك السنة ، فيسميه : في مجلس واحد ، أي في موسم حج واحد.