أعين وافر اللحية ، ألثغ ، أهوج شديد الأقدام على سفك الدماء ، محبّاً لجمع المال على قلّته في أيامه ، سيّئ التدبير قبيح السياسة غير مفكر في عواقب أمره قليل الرغبة في اصطناع الرجال. واستوزر محمد بن علي بن مُقلة في أول أمره (١).
كان كثير التقلّب والتلوّن ، شديد البطش بأعدائه ، أباد جماعة من أهل الدولة .. واتّخذ حربة عظيمة كان يطرحها في حال جلوسه بين يديه ويباشر بالضرب بها لمن يريد قتله وإذا سعى يحملها في يده. وكان قليل التثبّت لأمره مخوف السطوة (٢).
وتشاغل أول أمره بالبحث عن من استتر من أولاد أخيه المقتدر وحُرمه. وكانت أُم أخيه المقتدر بدأ بها مرض الاستسقاء فاستحضرها واستفسرها عن أموالها ، فاعترفت له بما عندها من الثياب والمتاع دون الجواهر والأموال ، فضربها أشد الضرب وعلّقها برجلها وضرب المواضع الغامضة منها! فحلفت أنها لا تملك سوى ما قالته. فوكّل على بيع جميع أملاكها حتى ما أوقفته ، فبيع جميع ذلك! وصادر جميع حاشية المقتدر وأصحابه (٣).
انقلاب الأصحاب على القاهر :
في سنة (٣٢١ ه) استوحش مؤنس من المظفّر أمير الأُمراء ومولاه بليق الحاجب وابنه علي الوزير! وأبو علي بن مقلة الكاتب ، استوحشوا من قهر القاهر ، فتوافقوا أن يوكّلوا على دار الخليفة أحمد بن زيرك ، وأمروه بتفتيش كل من
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣٣٦.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٢٢١.
(٣) تاريخ مختصر الدول : ١٥٩.