قال الرضا عليهالسلام : فما معنى أراد نفسه؟ (يعني) أراد أن يكون شيئاً وأراد أن يكون حياً وسميعاً وبصيراً وقديراً؟ فليس لقولك : أراد أن يكون حياً سميعاً بصيراً معنى إذا لم يكن ذلك بإرادته.
قال سليمان : بلى قد كان ذلك بإرادته! .. فضحك الرضا عليهالسلام ثمّ قال : يا سليمان ؛ فقد تحوّل عندكم عن حاله وتغيّر عنها! وهذا ما لا يوصف به الله عزوجل! فانقطع!
ثمّ قال الرضا عليهالسلام : يا سليمان .. الذي يعلمه الناس أنّ المريد غير الإرادة وأنّ المريد قبل الإرادة ، وأنّ الفاعل قبل المفعول ، وهذا يبطل قولكم : إنّ الإرادة والمريد شيء واحد .. فلم يَحر جواباً (١).
الرضا ، وسليمان المروزي ، والعلم :
ثمّ قال الرضا عليهالسلام لسليمان المروزي : يا سليمان ، هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟ قال : نعم. قال : أفيكون ما يعلم الله أنّه يكون ؛ من ذلك؟ قال : نعم. قال : فإذا كان (وجد) حتّى لا يبقى منه شيء إلّاكان ، أيزيدهم؟ أو يطويه عنهم؟ قال سليمان : بل يزيدهم! قال : فأراه ـ في قولك ـ أنّه يزيدهم ما لم يكن في علمه أنّه يكون! قال : جعلت فداك ، فالمزيد لا غاية له! قال : فليس علمه عندكم يحيط بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك ، وإذا لم يُحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فقال سليمان : إنّما قلت : لا يعلمه لأنه لا غاية لهذا لأنّ الله وصفهما بالخلود ، فكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً!
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٨٣ ـ ١٨٤.