المستعين إلى بلد الأمين :
لم يزل المستعين مقيماً بسامراء إلى أن اتّفق مع بُغا ووصيف على حذف أو حتف باغر التركي أحد المتقدمين في قتل المتوكل ، فقتلوه ، فتحزّب له الموالي وشغبوا (١) واعتقل المستعين ابني المتوكل الزبير المعتز والمؤيد في الموضع المعروف بلؤلؤة الجوسق (الكوشك) وحذر من محمد بن هارون الواثق فأخذه معه (٢). وكان الجنود قد أخذوا الحدود على القصر لحصر المستعين إلّاأن بُغا ووصيف هربا به معهم إلى الشطّ بسامراء وركبوا في حرّاقة إلى بغداد (٣) لأوائل المحرم من عام (٢٥١ ه) وقام بأمرهم ببغداد محمد بن طاهر الخزاعي (مولاهم) (٤).
ولمّا انحدر بُغا ووصيف بالمستعين إلى ابن طاهر الخراساني ببغداد اضطربت الأتراك والفراغنة وغيرهم من الموالي في سامراء ، وأجمعوا على بعث جماعة إلى المستعين يسألونه الرجوع إلى دار ملكه وحملوا معهم البُرد والقضيب ومئتي ألف دينار ، واعترفوا له بذنوبهم وأقرّوا له بخطئهم وضمنوا أن لا يعودوا إلى ما كان ، وتذلّلوا وخضعوا ، فاجيبوا بما كرهوا! فعادوا وأخبروا أصحابهم بما نالهم ويأسهم من عودة الخليفة. فأجمعوا على إخراج الزبير المعتز والبيعة لخلافته ومحاربة المستعين! فأنزلوه والمؤيد من لؤلؤة الجوسق في القصر (٥) وكان قد كثر شَعره فأخذوا من شَعره ، وخلعوا المستعين وبايعوا له بالخلافة (٦).
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣١٥.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٧٧.
(٣) ابن الوردي ١ : ٢٢٢.
(٤) التنبيه والإشراف : ٣١٥.
(٥) مروج الذهب ٤ : ٧٧.
(٦) مختصر تاريخ الدول : ١٤٦.