علي بن محمد بن الرضا لشيء بلغه عنه ؛ فلمّا صرت إليها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس مثله ، خوفاً على علي! وقامت الدنيا على ساق ؛ لأنّه كان ملازماً للمسجد بلا ميل إلى الدنيا ومحسناً إليهم! فجعلت اسكّنهم وأحلف لهم أني لم أُومر فيه بمكروه وأنّه لا بأس عليه. ثمّ فتّشت منزله فلم أجد فيه إلّامصاحف وأدعية وكتب العلم (١).
قال : فسرنا حتّى وصلنا إلى موضع المناظرة في القبور ، فارتفعت سحابة واسودّت وأبرقت وأرعدت وأرسلت علينا بَرَداً (حالوباً) مثل الصخور! وأمر أبو الحسن غلمانه فأخرجوا الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس ، وقال لهم : ادفعوا إلى يحيى لبّادة وإلى الكاتب بُرنساً! وتجمّعنا والبرد يأخذنا .. ثمّ زالت ورجع الحر كما كان وقد قُتل بها من أصحابي ثمانون رجلاً! (وبقي مئتان وعشرون شخصاً).
فقال لي أبو الحسن : يا يحيى ؛ مُر من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات منهم! (فلمّا فرغنا منهم قال) : هكذا يملأ الله هذه البرية قبوراً! قال يحيى : فرميت بنفسي من دابّتي وعدوت إليه وقبّلت ركابه ورجله وقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأ نّكم خلفاء الله في أرضه! وقد كنت كافراً (بكم) وإنني الآن قد أسلمت على يديك يا مولاي (٢)! بلا تعيين للموضع.
توحيده وتحذيره عن الغلوّ :
لم يُعلم متى وأين كان ما كان من الحدث الخارق في موضع المناظرة في طريقهم إلى سامرّاء ، ويظهر من الخبر التالي أنّ محتواه كان بعد ذلك وقبل بغداد.
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٨٤ ، هذا ، والتفتيش لا يلائم نصّ الكتاب إليه ، وتوصيته في الخبر السابق ليحيى بإكرام الإمام عليهالسلام.
(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٣٩٥ ، ٣٩٦.