نقل الإربلي عن «دلائل الإمامة» للحميري عن فتح بن يزيد الجرجاني : أنّه كان حاجّاً عام (٢٣٥ ه) وعائداً إلى بلاده جرجان وكانت يومئذ من خراسان الكبرى في أوائل عام (٢٣٦ ه) قال : في منصرفي من مكة إلى خراسان ضمّني الطريق إلى العراق إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهالسلام وهو يُصار به إلى العراق ، فتلطّفت للوصول إليه ، فتوصّلت فسلّمت عليه ، فردّ عليَّ السلام وأذن لي بالجلوس إليه ، ثمّ قال لي :
يا فتح ، من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق ، ومن أسخط الخالق فأخلِق به أن يُحلّ الله عليه سخط المخلوق. وإنّ الخالق لا يوصف إلّابما وصف به نفسه ، وأنى يوصف الخالق ؛ الذي تعجز الحواسّ أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحدّه ، والأبصار عن الإحاطة به. جلّ عمّا يصفه الواصفون ، وتعالى عمّا ينعته الناعتون ، نأى في قربه وقرب في نأيه ، فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد. كيّف الكيف فلا يقال : كيف؟ وأيّن الأين فلا يقال : أين ، إذ هو منقطع الكيفية والأينية.
هو الواحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، فجلّ جلاله.
أم كيف يوصف بكهنه محمد صلىاللهعليهوآله وقد قرنه الجليل باسمه ، وشركه في عطائه ، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته إذ يقول : (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (١)) وقال يحكي قول من ترك طاعته فهو يعذّبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قَطرانها : (يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٢)).
أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال :
__________________
(١) التوبة : ٤٧.
(٢) الأحزاب : ٦٦.