وكانت الأتراك تؤذي العوام بمدينة السلام بجريها الخيول في الأسواق وما ينال الضعفاء والصبيان من ذلك ، فكان أهل بغداد ربّما ثاروا على بعضهم فقتلوه عند صدمه لامرأة أو شيخ كبير أو صبيّ أو ضرير.
فعزم المعتصم على أن ينتقل منهم إلى فضاء من الأرض.
فنزل البراذان على أربعة فراسخ من بغداد ، فلم يستطب هواءها.
حتّى انتهى إلى الموضع المعروف بالقاطول عند قرية بهذا الاسم للنبَط والجرامقة على نهر بهذا الاسم من فروع دجلة ، واستطاب الموضع ، فبنى هناك قصراً ، وبنى الناس ، وانتقلوا من مدينة السلام وخلت من السكان إلّااليسير! ولكنهم تأذّوا بالبناء لصلابة الأرض وبرد الموضع ، فخرج المعتصم يتحرّى موضعاً آخر (١)!
وفي اليعقوبي : اختطّ موضع المدينة ، وأقطع الناس الإقطاعات ، وجدّ في البناء حتّى بنى الناس القصور والدور وقامت الأسواق ، وذلك في ذي القعدة سنة (٢٢٠ ه) ثمّ ارتحل منها (٢).
المعتصم وبناء سامراء :
قال المسعودي : ولمّا تأذّى المعتصم بالموضع وتعذّر البناء فيه خرج يتقرّى المواضع ، فانتهى إلى موضع كان فيه دير عادى (قديم) للنصارى ، فسألهم عن اسم الموضع فقالوا : سامرّا وأنّ في كتبهم هي سام اورا أي مدينة سام بن نوح!
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٤٦٥ ـ ٤٦٦.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧٢.