وآل الأمر أنّ امّ المقتدر أمرت قهرمانتها ثمل أن تجلس أيام الجمعات للمظالم وتنظر في رقاع الناس ، فكانت تجلس وتستحضر القضاة والأعيان ، وتصدّر الأوامر بخطّها وتوقيعها.
وانتهى الأمر إلى أن غلت الأسعار ببغداد وأصاب الناس مجاعة عامة ، وتجدّدت المظالم وفتح الناس السجون وأحرقوا المحابس فنهبوا الناس واختلَّت أحوال الدولة العباسية جداً حتى ركب الجند والوزير فرجمهم العامة وقاتلوهم ودام القتال أياماً (١) عام (٣٠٨ ه).
قتل الحسين الحلّاج :
في سنة (٣٠٩ ه) كان على الوزارة حامد بن العباس ، وكان الحلّاج في الحبس ، وأراد الوزير قتله فلم يتمكّن من ذلك حتى رأى له كتاباً فيه : إنّ الإنسان إذا أراد الحجّ ولم يمكنه ، أفرد من داره بيتاً طاهراً ، فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله وفعل ما يفعل الحجّاج بمكة! ثمّ يطعم ثلاثين يتيماً ويكسوهم ويعطى كل واحد منهم سبعة دراهم ، فإنه يكون حاجّاً!
فأحضر الوزير وجوه الفقهاء والقضاة واستفتاهم فيه ، فكتبوا بإباحة دمه ، فسلّموا الوزير إلى صاحب الشرطة فضربه ألف سوط ، فما تأوّه لها ، ثمّ قطع يده ثمّ رجله ثمّ رجله الأُخرى ثمّ يده ثمّ قتل واحرق جسده والقي رماده في دجلة ، ونُصب رأسه ببغداد (٢).
وقال ابن الوردي : التمس الوزير حامد بن العباس من المقتدر أن يسلّم
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٤٣.
(٢) تاريخ مختصر الدول : ١٥٦.