فسأله : هل يعرف كم هي طبقات العيون؟ قال : لا ، قال : فلا يقدح عينيَّ من لا يعلم ذلك! فقيل له : لو قدحت لأبصرت! قال : قد أبصرت في الدنيا حتى مللت منها (١)! ومن كتبه : كتاب من لا يحضره الطبيب.
ضعف المقتدر واقتدار القاهر :
استوزر المقتدر في أواخر اقتداره الحسين بن القاسم بن عبيد الله (٢) واستوحش منه أمير الأُمراء المظفّر مؤنس الخادم فخرج من بغداد إلى الموصل مغاضباً ووجه برسالة مع خادمه بشرى إلى المقتدر وأمره أن لا يذكرها إلّاله ، فسأله الوزير الحسين بن القاسم عن الرسالة فقال : أمرني صاحبي أن لا أذكرها إلّا للمقتدر ، فشتمه الوزير وصاحبَه وصادر منه ثلاثمئة ألف دينار! وضربه ، فلمّا بلغ ذلك إلى مؤنس صاحبَه كثير من القواد إلى الموصل فكان في ثمنمئة فارس (٣).
واستولى المقتدر على أقطاع مؤنس وأملاكه وأملاك أصحابه ، وكتب إلى أُمراء الموصل من بني حمدان بمقابلة مؤنس ومقاتلته (٤) فاجتمع بنو حمدان في ثلاثين ألفاً! فالتقوا واقتتلوا ، وانهزم بنو حمدان! واستولى مؤنس على أموالهم وديارهم ، وكان محسناً إلى كثير من العساكر فخرج إليه كثير منهم من بغداد والشام وحتى مصر! فأقام بالموصل تسعة أشهر ، ثمّ انحدر إلى بغداد حتى نزل بباب الشمّاسية. وخرج إليه المقتدر بأصحابه وبين يديه الفقهاء والقرّاء وعليه
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول : ١٥٨.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٢١٤.
(٣) تاريخ مختصر الدول : ١٥٧.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥٣.