وقاله ابن العبري وزاد : كان أبو هارون ابن البكّاء من العلماء يقرّ بكون القرآن مجعولاً لقول الله : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً (١)) ويسلّم أن كل مجعول مخلوق ويقول : لا أقول مخلوق ولكنّه مجعول! وهذا عجب عجاب (٢).
وقال السيوطي : سلك المعتصم ما ختم المأمون به عمره من امتحان الناس بخلق القرآن ، فضرب عليه أحمد بن حنبل ، بل قتل عليه خلقاً من العلماء! وقاسى الناس منه مشقة في ذلك ، وكتب إلى البلاد بذلك وأمر المعلمين أن يعلّموه الصبيان (٣).
رسالته عليهالسلام إلى والي سيستان :
أسند الكليني عن رجل تميمي حنفي من أهل بُست في سجستان : أن واليهم كان الحسين بن عبد الله النيسابوري وكان رجلاً يتولّى أهل البيت ويحبّهم ، وله عليّ في ديوانه خَراج ، فحججت ، وحجّ أبو جعفر عليهالسلام فرافقته ، وجلست يوماً على مائدته وهناك جماعة من أولياء السلطان ، فقلت لأبي جعفر : إنّ والينا ـ جعلت فداك ـ رجل يتولّاكم أهل البيت ويحبّكم ، وله علي في ديوانه خراج ، فإن رأيت ـ جعلني الله فداك ـ أن تكتب إليه بالإحسان إليّ! فقال لي : لا أعرفه. فقلت : جعلت فداك ، إنه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني عنده.
فأخذ القرطاس وكتب : «بسم الله الرحمنِ الرحيم ، أما بعد ، فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن مالك من عملك ما أحسنت فيه ، فأحسن الى اخوانك واعلم ان الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر والردخل
__________________
(١) الزخرف : ٣.
(٢) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١٣٩.
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٩٥.