سقوط إبراهيم العباسي :
كان عيسى بن محمد بن أبي خالد من قوّاد الحسن بن سهل ببغداد ، وانفصل منه بعسكره وانضمّ إلى إبراهيم بن المهدي العباسي ، ثمّ بدا له أن يعود إلى الحسن بن سهل بتسهيل قائده حُميد بن عبد الحميد الطوسي وبوساطة محمد بن محمد المعبدي العباسي ، فكان كلّما يطالبه إبراهيم العباسي أن يخرج من بغداد لقتال حُميد الطوسي يقول : حتى تدرك الغلة فإنّ الجند يريدون أرزاقهم.
ففي أواخر شوال عام (٢٠٣ ه) بعث إبراهيم إلى عيسى أن يأتيه ليناظره فيما يريد ، ولم يزل إبراهيم يعيد الرسل إلى عيسى حتى أتاه إلى قصره بالرصافة ، فأخذ إبراهيم يعاتبه ، وأخذ عيسى ينكر بعض ما يقول إبراهيم ويعتذر إليه من بعضه ، فلمّا قرّره في أشياء أمر به فضُرب ثمّ حبسه وعدة من قواده وامرأته وصبيانه! وذلك ليلة الخميس لليلة بقيت من شوال عام (٢٠٣ ه).
ولما بلغ ذلك إلى أهل بيته وأصحابه واخوته حرّضوا الناس على إبراهيم وشدّوا على عامله على الجسر فطردوه وطردوا كل عامل لإبراهيم في الكرخ وغيره. وكتبوا إلى حُميد الطوسي قائد ابن سهل يسألونه أن يدخل بجنده بغداد شرط أن يعطى جند أهل بغداد كل واحد منهم خمسين درهماً ، فأجابهم إلى ذلك ووعدهم أن يضع لهم دفتر العطاء يوم السبت في الياسرية ببغداد ، على أن يصلوا الجمعة قبله فيدعوا للمأمون ويخلعوا إبراهيم ، فأجابوه إلى ذلك. فلمّا كان يوم الجمعة اتّفقوا مع الفقيه محمد بن أبي رجاء فصلّى بهم الجمعة ودعا للمأمون! فلمّا كان يوم السبت دخل حُميد بجنده إلى الياسرية واستعرض جند أهل بغداد ، وأعطى كل واحد منهم ستين درهماً.