رجع إلى المكان الذي كان يصلّي فيه. فقلت : إذا خلع نعليه جئت فأخذت من الحصا الذي يطأه بقدميه ؛ فلما كان الغد عند الزوال جاء فنزل على الصخرة ثمّ دخل بنعليه فسلّم على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ جاء إلى الموضع الذي كان يصلّي فيه فلم يخلع نعليه بل صلّى فيهما!
فسألت عن الحمّام الذي يتردّد إليه ، فقيل لي : يدخل حمّاماً بجانب البقيع لرجل من ولد طلحة التيمي ، وسألت عن يوم دخوله الحمام فتعرّفت عليه وصرت إلى باب الحمام وجلست إلى الطلحي صاحب الحمام احدّثه ، وانتظر مجيء ابن الرضا ، وسألته : ومَن ابن الرضا؟ قال : رجل من «آل محمد» له ورع وصلاح نخلي له الحمام إذا جاء! فبينا أنا كذلك وإذا به قد أقبل على حماره ، وبين يديه غلام معه حصير أدخله المسلخ وبسطه ، ومعه غلمان آخرون ، ووافى فسلّم ودخل المسلخ بحماره حتى نزل على الحصير. فقلت للطلحي : هذا الذي وصفت بما وصفت من الصلاح والورع؟! فقال : يا هذا ، لا والله ما فعل هذا إلّافي هذا اليوم! فقلت : انتظره حتى يخرج ولعلّي أنال ما أردت إذا خرج. فلمّا خرج وتلبّس دعا بحماره للمسلخ فركبه من فوق الحصير وخرج عليهالسلام.
فقلت في نفسي : لعلّي آذيته فلا أروم ما رمت منه أبداً! فلمّا كان وقت الزوال ذلك اليوم أقبل على حماره فنزل ودخل وسلّم على رسول الله وجاء إلى بيت فاطمة وخلع نعليه وقام يصلي (١).
فالإمام عليهالسلام لم يكره لعمّه أن يقبّل يده تواضعاً منه وتبرّكاً به ، وكره للناس أن يأخذوا تراب موطئه تبرّكاً ، وعلم ذلك من الرجل فامتنع عليه.
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ، الحديث ٢.